أجهلُ الناس من زهد في علم الدين.
الحمد لله وبعد، فإن مما يشعرنا بالحزن الشديد أن كثيرين لا يعتنون بقراءة ما نرسل لهم ويصل إليهم من جواهر العلم الصحيح الذي فقد في أكثر الناس، ولا ينشرونها لغيرهم مع الحاجة في هذا الزمن وهم يرون انتشار المنكر. وهذا لا يشير إلى حسن حالهم بل الى خلاف ذلك، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “من يُرد الله به خيراً يفقّهه الله في الدين” رواه البخاري، ويُفهم من هذا الحديث الشريف أن من لم يرد الله به خيراً كثيراً لا يكون متفقهاً في الدين.
ثم مَن هذا الذي يدّعي أنه اكتفى من علم الدين ولم يعد محتاجاً له؟ حسبنا الله ونعم الوكيل.
هؤلاء الذين لا يهتمون للعلم ونشر المسائل الصحيحة دفاعاً عن الإسلام مثلهم كمثل من وضعت الجواهر بين يديه وقلت له اغرف ما شئت لك ولمن تحب، فيتركها تذهب ولا ينشرها وقد انتشر الفساد في هذا الزمن بقوة، يترك مكافحته بجهد قليل ولا ترى له أي همة أو أثر إلا في نشر الغرائب والأخبار الواهية، أما في علم الدين فكأنه غير موجود، ويترك نشر العلم للجديد المحتاج. بل هذا أشد من إضاعة الذهب والجواهر لأن علم العقيدة والأحكام أغلى وأفضل من كل كنوز الدنيا، فما أعظم خسارة هؤلاء يعتنون بالطعام والملذات لهم ولأولادهم ولراحتهم في الدنيا أكثر من عنايتهم بعلم الدين ونشره.
أكثر الناس جعلوا علم الدين وراء ظهورهم كأنه فضلة، هؤلاء إن بقوا كذلك وماتوا عليه ما أشد ندمهم وحسرتهم يوم القيامة لتقصيرهم في مكافحة الضلال، هذا إذا لم يبتلوا في الدنيا كذلك. هذا الزمن من يقصر فيه في مكافحة الضلال بما يستطيع وهو يرى المنكر ينتشر ويتمدد، ويشغل نفسه بالدنيا والمال، هذا يهلك نفسه.
قديماً قالوا: لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً… ولكن لا حياة لمن تنادي…
وهذا الكلام اليوم يصدق على أكثر الناس، ماتت قلوبهم، تكلمهم كأنك تنفخ في قربة مثقوبة لأن الغفلة استحكمت على أفئدتهم فكأنها جلمود صخر. وبعضهم يظن أن هذا الكلام لغيره، يستثني نفسه، أخي اتهم نفسك أولاً قبل أن تتهم غيرك، استيقظ من هذه الغفلة، إلى متى أخي إلى متى؟ الله يرحمنا ويحسن ختامنا. السفر لمكافحة الكفر والضلال والفساد أفضل من السفر لمجرد حج نافلة أو عمرة نافلة لمن أدى الحج والعمرة المفروضتين. السفر لمكافحة الكفر والضلال أفضل من السفر لزيارة القبر الشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم. إنفاق الأموال في مكافحة الضلال وإعانة من يكافح الضلال من أفضل الأعمال وأزكاها عند الله تعالى. من كان له علم وله قوة ومال للسفر الى المدينة المنورة لمجرد الزيارة الشريفة مثلاً، فليبذل هذا المال وهذه القوة للسفر الى أصقاع الأرض لمكافحة الضلال والفساد. الآن أهل الفساد ينتشرون وأهل الحق صاروا قلة، ومع انتشار أهل الفساد تجد غفلة قوية لدى بعض من يعرف الحق، تراه منشغلاً بإضاعة الوقت أو ببعض النوافل ويترك مكافحة الفساد مع أن الحق في تقديم مكافحة الضلال على النوافل والسنن المستحبات. أخي ابذل شيئاً من وقتك لنشر الخير ونفع الناس لله تعالى. ماذا تنتظر؟؟