نقل الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري عن العلامة ابن بطال المالكي وأقرّه قال: وقد تقـرّر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يســتـقـرّ فيه، فقد كان وﻻ مكان.اهـ. معناه أن الله كان في الأزل ولا مكان لأن المكان مخلوق، أما الله تعالى فليس بمخلوق. ثم من عرف معنى الجسم أي ما له حجم وكيف وكمّية وشكل وطول وعرض وعمق وحدّ ومساحة قليلة أو واسعة، وقال عن الله تعالى إنه جسم فهذا يؤاخذ بإقراره فـيُحكم عليه بأنه مثل عابد الأصنام والعياذ بالله تعالى، ولا ينفعه أن يقول بعد ذلك لا كالأجسام، وهذا حكمه كمن يقول الله نائم لا كالنائمين أو يأكل لا كالآكلين أو يشرب لا كالشاربين أو يتحرك لا كالمتحركين، وكلّ ذلك ضلال. من فهم ما تعنيه كلمة جسم ووصف الله تعالى بذلك فهذا لا ينفعه أن يقول أنا جاهل. قال الله تعالى: “ليس كمثله شىء”. قال الإمام الشافعي إن من قال عن الله إنه جسم فهو كافر بالله تعالى. هذا الذي يجب فهمه واعتقاده، ولا يصح سواه.
وقد أجمع السلف الصالح على أن مَن وصف الله بصفة من صفات البشر فقد كفر، هذا قول المجتهدين أبي حنيفة وغيره، نقل ذلك عنهم الإمام الطحاوي وهو من أكابر السلف الصالح، والعبرة بقول المجتهد، والمجتهدون قالوا إن تشبيه الله بخلقه كفر، وكلامهم حق لأن ذلك كفر من أوجه متعددة منها أن ذلك عبادة لغير الله، ومنها أنه تكذيب لله، ومنها أنه تكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها أنه تكذيب لما أجمع عليه المسلمون أن الله ليس جسماً، ومنها أنه غش للناس بما هو ضلال وإيهامهم أن ذلك هو الإسلام والعياذ بالله تعالى.
الدليل يؤخذ من الكتاب أي القرآن الكريم أو من السنة الشريفة، أو من الإجماع، أو من القياس المعتبر وهو وظيفة المجتهد لا سواه. وكل ما تقدّم يدلّ على ما نقول ونثبت أنه حكم الشريعة. قال أهل العلم: وليس كلّ خلاف جاء معتبراً.. إلا خلاف له حظ من النظر.
من عرف معنى الجسمية ووصف الله تعالى بأنه جسم، فإنه يحكم عليه بما وصفَ اللهَ به مما يَفهم معناه الفاسد من تشبيه الله تعالى بخلقه، وهذا كفر بلا شك ولا ريب.