من جواهر التوحيد والتنزيه ما قال الحافظ البيهقي رحمه الله: “فإن قال قائل: فما الدليل على أنه – أي الله – ليس بجسم ولا جوهر ولا عَرَض؟ (والعرض صفة الجسم)، قلنا: لأنه لو كان جسمًا لكان مؤلَّفًا، والمؤلَّفُ شيئان وهو سبحانه واحد لا يحتمل التأليف؛ وليس بجوهر (أي ما يركّب منه الجسم) لأن الجوهر هو الحامل للأعراض القابل للمتضادّات (كالسواد والبياض)، ولو كان (الله) كذلك لكان ذلك دليلاً على حدوثه (أي مخلوقيته)، وهو سبحانه وتعالى قديم لم يزل (أي أزلي ليس له ابتداء).
وليس (اللهُ) بعَرَض، لأن العَرَض لا يصحّ بقاؤه ولا يقوم بنفسه (الصفة تقوم بالموصوف متى فني الموصوف ذهبت الصفة)، وهو سبحانه قائم بنفسه (أي لا يحتاج إلى شيء) لم يزل موجودًا، ولا يصحّ عَدَمُه (أي لا يجوز عقلاً الفناء ولا التغير على الله).
فإن قال قائل: فإذا كان القديم (الله الأزلي) سبحانه شيئًا لا كالأشياء، لِمَ أنكرتم أن يكون جسمًا لا كالأجسام؟ قيل له: لو لزم ذلك للزم أن يكون صورة لا كالصور، وجسدًا لا كالأجساد، وجوهرًا لا كالجواهر. فلمّا لم يلزم ذلك لم يلزم هذا (معناه أننا كما ننزه الله عن كونه صورة وشكلاً وذا كيفية نعرفها أو لا نعرفها، كذلك ننزه الله عن كونه جسماً). اهـ.