الحمد لله وبعد، فإنّ أهل التشبيه يصرّون على التشبث بهذه البدعة المشؤومة ويتمسكون بكلّ متشابه كما هي صفة أهل النفاق في كتاب الله، قال تعالى: “فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنهُ ابتِغَاءَ الفِتنَةِ وَابتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ” (آل عمران، 7)، ومن ذلك تشبثهم بظاهر حديث فيه لفظ “رأيتُ ربي في أحسن صورة” قال بعض أهل السنة في ذلك أن المراد لو ثبت هذا اللفظ أن النبي كان في أحسن صورة لتنزه الله عن الشكل والكيفية كما قال البيهقي في الأسماء والصفات وغيره وهو إجماع. ولهذا الحديث ألفاظ أخرى مروية في بعض الكتب على أنه رؤيا منامية كما هو مصرّح به في الترمذي، ولبعض تلك الألفاظ تأويلات ذكر منها السيوطي في قوت المغتذي شرح الترمذي مؤكداً على التمسك بالأصل في تنزيه الله عن الجارحة وما يوهم ما لا يليق بالله تعالى، وأنه سبحانه “ليس كمثله شىء”. فلا عبرة بمن يتمسك بظاهر بعض الألفاظ الواردة في هذا الحديث لإثبات صفات جوارح في حق الله لأنه عند من أثبتوه منام فقط، وعند آخرين فهو مطعون فيه كما قال الحافظ ابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية وفيه: أصل هذا الحديث وطرقه مضطربة، قال الدارقطني كل اسانيده مضطربة ليس فيها صحيح.اهـ. وقال البيهقي في الأسماء والصفات بعد ذكره بعض رواياته ما نصه: “لا تجوز عليه (أي الله تعالى) ولا على صفاته التي هي صفات ذاته، مماسة أو مباشرة، تعالى الله عزّ اسمه عن شبه المخلوقين علواً كبيراً، وفي ثبوت هذا الحديث نظر”، هذا نص البيهقي. وقد ذكر أهل العلم أنه لا تثبت صفة لله تعالى بحديث مختلف في إسناده فكيف بمثل هذه الرواية المطعون فيها والتي هي في أصل الأمر منام عند من رووها؟! فهل نترك الأصل في التنزيه ونفي التشبيه وهو قوله تعالى: “ليس كمثله شيء” ونلحق روايات مطعوناً فيها من هنا وهناك لإثبات ما يوهم الجسمية في حق الله، والعياذ بالله تعالى من الزيغ والعمى، آمين
قال الإمام الطحاوي رحمه الله: ومن وصف الله بصفة من صفات البشر فقد كفر.