كانوا يعتمدون على التّلقي الشّفوي الذي هو الأصلُ وليس مجرد القراءة في الكتب والتفتيش في غوغل، هذا ليس سبيلاً للتلقي عند أهل العلم والفهم

Miscellaneous By Feb 01, 2017


الرسولُ عليه الصلاة والسلام قال: “خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنَي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ”. الرسول قال ذلك مَعَ أنّ الكتابةَ والخَطَّ أي تَعَلّمَهُمَا كان في من بعدَ الصّحابة أكثرَ بكثيرٍ.

نِسبةُ الذين يَقْرَؤونَ المكتوبَ نَظَرًا في الصحابةِ أقلُّ بكثيرٍ من نِسْبَتِهِمْ في من بعدَهم، ولم يَمْنَعْهُمْ كونُهُمْ أمِّيين من أن يكونوا فقهاءَ في دينِ اللهِ لأنهم كانوا يُعَوِّلُونَ على التّلقّي الشّفَوِي، كانوا يعتمدون على التّلقي الشّفوي الذي هو الأصلُ وليس مجرد القراءة في الكتب والتفتيش في غوغل، هذا ليس سبيلاً للتلقي عند أهل العلم والفهم.

والحاصِلُ أن أهَمَّ الأمورِ في الدّين هو معرفةُ الواجباتِ التي افترضَها الله على خَلقِهِ وأهمّ ذلك معرفة الله ورسوله، وكذلك تَعَلُّمُ المحرَّمات التي افترضَ الله على عبادِهِ تَجَنُّبَهَا، هذا الأصل، فمن حَصَّلَ هذا الأصل إن كان بطريقِ النظرِ في كتابٍ على وجهِ التلقي مِنْ أهلِ المعرفةِ فقد حَصَلَ على المطلوبِ، وإن كان بطريق المشافهةِ أي التّلقي الشّفوي بلا كتاب فقد حَصَلَ على المطلوبِ، وأمّا مَنْ فاتَهُ هذا وذاك فقد خَسِرَ خُسْرَانًا كبيرًا، لأن الذي لا يتلقى الْعِلْمَ من أهلِ المعرفةِ الذين تَلَقَّوْا عمَّن قَبْلَهُمْ من أهلِ الْعِلْمِ إلى أن ينتهيَ التّسلسلُ إلى أصحابِ رسولِ اللهِ الذين تَلَقَّوْا منه مشافهةً، فإنَّه لا يكون على بَصِيْرةٍ في أمْرِ الدّين.

المرء لا يَكُونُ فَقِيْهًا وَلاَ عَالِمًا في الدِّينِ إلا بِالتَّلَقي مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ إن كَانَ عَنْ نَظَرٍ في كتابٍ ليستَفيدَ حَلَّ مَعَاني هذا الكتاب من ذي مَعرِفةٍ وكفاءَةٍ وثِقةٍ، أو بمجرّدِ التّلقي الشّفوي من غيرِ نَظَرٍ في كتابٍ من كتُبِ العِلْم الشّرعي.

عَبْدَ اللهِ ابنَ عباس رضي اللهُ عنهما ابْنَ عمِّ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أخَذَ من الرّسولِ من عِلْمِ الدّينِ ما كتبَ اللهُ لَهُ مشافهةً، ودعا لهُ الرسولُ بأن يُعطِيَهُ اللهُ فَهْمَ القرآنِ والحديثِ، دَعَا لَهُ الرسولُ بذلك، الْتَزَمَهُ لِمَا رأى فيه من النّجَابَةِ والإقْبالِ التّامِّ على تعلُّمِ الدين، التزمَهُ ودعا لَهُ، وهنيئاً لمن دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرجو الدعاء رحم الله من كتبه ومن نشره، آمين