قوله تعالى: “وكلّم الله موسى تكليماً” فيه إثبات صفة الكلام لله بلا حرف ولا صوت ولا كيفية.

Arabic Text By Jan 29, 2017


علم النحو مهم في فهم الشريعة، ومن ذلك إجماع النحاةُ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ المَصدَر بَعْدَ الفِعلِ تَأْكِيدٌ لِلفِعلِ، لِأَنَّ العَرَبَ إِنَّمَا تأتي بالفِعل وبعده المَصدَرِ إِذَا أَرَادَتْ أَنَّ الفِعْلَ وَقَعَ حَقِيقَةً، مثل قولهم عاتبتك عتاباً.

قوله تعالى: “وكلّم الله موسى تكليماً” فيه إثبات صفة الكلام لله بلا حرف ولا صوت ولا كيفية.

المعتَزِلَةُ فئة من المبتدعة أَنكَرُوا أَن يَكُونَ اللهُ مُتَّصِفًا بِصِفَةِ الكَلَامِ، قَالَوا ان اللهُ تَعَالَى لَيْسَ مُتَكَلِّمًا بِكَلامٍ هو صفة له، زعموا أن الله مُتَكَلِّمٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ خَالِقُ الكَلامِ فِي شجَرَةِ كَانَ نبي الله مُوْسَى عِنْدَهَا. قَالُوا إِنَّ مُوسى لم يَسمع كَلَامَ اللهِ الذَّاتِيَّ الذي ليس بحرف ولا صوت، وادعوا ان مَعنَى {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى} أَي جَعَلَ اللهُ في الشَّجَرَة قُوَّةَ النُّطقِ فَكَلَّمَت الشَّجَرةُ مُوسَى، وَهَذَا تَفسِيرٌ فَاسِدٌ، فَإنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكلِيمًا} فَكَلِمَةُ تَكلِيمًا مَصدَرٌ، وَالمصدَرُ إذَا جَاءَ في الجُملَةِ بَعدَ الفِعلِ فهو لِتَأكِيدِ أَنَّ هَذَا الفِعل حَصَلَ مِن بَابِ الحَقِيقَةِ لَيسَ مِن بَابِ المجَازِ.

المصدَرُ إِذَا جَاءَ بَعدَ الفِعلِ يَكُونُ لِنَفيِ المجَازِ، اللهُ قَالَ: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكلِيمًا} كَلِمَةُ تَكلِيمًا هُنَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَسمعَهُ كَلَامَهُ الذَّاتِيَّ.

ومن نفائس الاسلام ما قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: “(كَلَّمَ اللهُ موسى) كَلَّمَهُ بكلامه الذي هو صفة في الأزل وصفاته تعالى كلها بخلاف صفات المخلوقين، يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا، ويسمع لا كسمعنا، ويتكلم لا ككلامنا، نحنُ نتكلَّمُ بالآلات والحروف واللهُ تعالى يتكلَّمُ لا بآلةٍ ولا حروفٍ، والحروف مخلوقة وكلام الله تعالى غير مخلوق”. كلام الله ليس لغة. الله موجود بلا كيف ولا مكان.