الردّ على الجهمية وأتباع ابن تيمية في قولهم بفناء جهنم والعياذ بالله تعالى (الردّ رقم 40)،
إن الأصل الذي دلّ عليه القرآن والحديث والإجماع أن المؤمن يخلُد في الجنة إلى ما لا نهاية له لقوله تعالى فيهم: “خالدين فيها أبداً” (النساء، 57)، والكافر كذلك يخلُد في نار جهنم إلى ما لا نهاية له بلا شك لقول الله تعالى في الكفار “خالدين فيها أبداً” (النساء، 169).
وأما قول الله تعالى في أهل النار: “خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَاتُ وَالأَرضُ إلا مَا شَاءَ رَبُّكَ” (هود، 107)، فليس المراد من ذلك انقطاع العذاب عن الكفار في جهنم لقيام الدليل القرآني على خلاف ذلك، بل المعنى في ذلك غير ما شاء ربك من الزيادة على مدّة السموات والأرض. وللطبري قال إنّ العرب إذا استثنت شيئًا كثيرًا مع مثله ومع ما هو أكثر منه كان معنى “إلا” ومعنى ”الواو” (أي “و” العاطفة) سواء، والمعنى هنا سوى ما شاء الله من زيادة الخلود (أي إلى ما لا نهاية له أبداً)، فكأنه قال: خالدين فيها ما دامت السموات والأرض سوى ما زادهم من الخلود والأبد.اهـ.
ثم لو كانت كلمة إلا هنا بمعنى الاستثناء المطلق وانقطاع العذاب عن الكفار في جهنم كما تقول الجهمية المبتدعة في النار وكذلك قالوا في الجنة وهو كفر، وتبعهم ابن تيمية في جهنم خصوصاً وهو كفر كذلك لتكذيبه القرآن، لكان بقاؤهم في جهنم أقلّ من مدة السموات والأرض، وهذا ينافي خالدين فيها أبداً كما جاء في كتاب الله. والله تعالى لم يقل في بقائنا على الأرض خالدين فيها أبداً، فكيف يكون البقاء في جهنم خالدين فيها أبداً أقلّ من مدة بقاء السموات والأرض؟؟ هذا لا يصحّ.
فتبيّن أن كلمة إلا هنا جاءت بمعنى سوى كما يقال في الكلام: ما معي رجل إلا زيد، ولي عليك ألفا درهم إلا الألف التي لي عليك من قبل، فالمعنى أن الكفار يمكثون في جهنم مدة دوام السموات والأرض سوى ما شاء ربك من الزيادة على ذلك والخلود فيها إلى ما لا نهاية، نعوذ بالله من ذلك.