إن قول أهلِ الحقّ أهل السنة والجماعة إنَّ الله منـزَّهٌ عن الحدّ معناه أن الله منزه عن كونه جسماً أو صفة للجسم،

Arabic Text By Jan 29, 2017


إن قول أهلِ الحقّ أهل السنة والجماعة إنَّ الله منـزَّهٌ عن الحدّ معناه أن الله منزه عن كونه جسماً أو صفة للجسم، لأنَّ الله لو كان جوهرًا ‏فَردًا (وهو ما يُركّب منه الجسم) لكانَ الجوهرُ الفردُ مِثلاً له، ولو كانَ زائِدًا على ذلك إلى حَدّ أكبرِ الأجسامِ وهو العرشُ أو أَزيَدَ إلى ‏قَدر يتناهَى أو إلى قَدرٍ يُفتَرَضُ أنه لا يَتَنَاهَى، لَلَزِمَ كونُه تعالى مؤلفًا أي مركَّبًا (وهذا مستحيل على الله)، والمؤلَّفُ (بفتح اللام) يحتاجُ ‏إلى المؤلّفِ (بكسر اللام)، والمحتاجُ إلى غيرِهِ حادِثٌ لا بُدَّ، وهذا قولُ عليّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنهُ: “مَن زَعَمَ أن إلهنَا محدودٌ فقد ‏جَهِلَ الخالقَ المعبودَ” رواه أبو نُعَيم وغيره، وهو قولُ عليّ بن الحسينِ المعروف بزين العابدين: “إنَّ الله ليسَ بمحدودٍ” رواه بالإسنادِ ‏المتَّصلِ الحافظ محمد مرتضى الزَّبيدِيُّ في إتحافِ السادةِ المتقينَ، وهو كذلك قولُ الإمام الطحاويّ: “تعالى (أي تنزّه الله) عن الحدودِ” ‏وهذا من نفائس الاسلام. ولأجل ما قدمنا قال علماء أهل السنة إنه يستحيل على الله أن يكونَ متَّصلا بالعالَمِ أو حالاً فيه أو مبايِنًا له ‏بالمَسافةِ، وهذا هو الحقُّ الذي لا يَصِحُّ غيرُهُ، وذلك لأنَّ المخلوقاتِ إما أن تكونَ متَّصِلَةً ببعضِها أو منفصلةً بعضُها عن بعضٍ، وكِلا ‏الوجهينِ مستحيلٌ وصفُ الله بهِ، لأن وصف الله بذلك يَلزمُ منه إثباتُ المِثلِ لله، والله تبارك وتعالى نفَى عن نفسِهِ المثلَ على الإطلاقِ ‏بقوله سبحانه: “ليس كمثله شىء”.