شَّفَاعَةُ الأنبياء والشهداء والصالحين‎ ‎حَقٌّ وصدق

Arabic Text By Jan 24, 2017


في بيان الشفاعة ومعناها،

شَّفَاعَةُ الأنبياء والشهداء والصالحين‎ ‎حَقٌّ وصدق، والشفاعة هي سُؤالُ الخَيرِ منَ الغَيرِ لِلْغَيرِ، ‏‏فيَشْفَعُ النَّبيُّونَ والعُلَماءُ العَامِلُونَ والشُّهدَاءُ والملائكةُ، ويشفَعُ نبيُّنا لأهلِ الكبَائرِ مِن أمَّتِه كما ‏‏جاء في الحديث الشريف. فيجبُ الإيمانُ بالشّفاعَةِ التي ادَّخَرَهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأمّتِهِ والشفاعةُ في ‏‏الآخرةِ تكونُ لتخليصِ الناسِ من حَر الشمسِ يومَ القيامَةِ وهذه لسيدنا محمدٍ، أما الكفار فينتقلون ‏‏من حرّ الشمسِ إلى عذابٍ أشد. ‏

ومن الشفاعَةِ الشفاعَةُ في إخراجِ بعضِ عُصَاةِ المسلمينَ الذين ماتوا بلا توبةٍ من جهنمَ (وليس ‏‏كل عاص من المسلمين يعذب في جهنم)، وهذه يشتركُ فيها الرسولُ وغيرُهُ فقد قالَ رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم “يخرجُ ناسٌ من النارِ بشفاعَةِ محمدٍ‎” ‎رواه البخاريُّ، ومن هذا الحديثِ ونحوهِ يُعلَمُ أنه لا بُدَّ ‏‏أن يدخلَ بعضُ عصاةِ المسلمينَ النارَ، فلا يجوزُ الدعاءُ بنجاةِ جميعِ المسلمينَ من دخولِ النارِ، ‏‏وفسادُ هذا الكلامِ ظاهر لأنه ثبت أن الرسولَ يشفَعُ لبعضِ أمتِهِ في إخراجهم من النارِ.‏

والذين يحتاجونَ للشّفاعَةِ هم أهلُ الكبائِرِ أمَّا الأتقياءُ فلا يحتاجونَ للشفاعَةِ، فَقد جَاءَ في الحَديثِ ‏‏الصَّحيحِ‎ ‎‏”شَفَاعَتِي لأَهْلِ الكبَائرِ مِن أمَّتي‎” ‎رَواهُ ابنُ حِبّانَ، معناه أن غَير أهْلِ الكَبَائرِ لَيْسُوا ‏‏بحَاجَةٍ للشَّفَاعةِ، وتَكُونُ لبَعْضِ أولئك قبلَ دخولِهِمُ النّارَ ولِبَعْضٍ بَعدَ دخُولِهمْ قَبْلَ أن تَمضِيَ ‏‏المُدَّةُ التي يَسْتَحِقُّونَ بِمَعَاصِيْهِم، ولا تكونُ للكُفَّارِ، قَالَ الله تَعالى‎ ‎‏”ولا يشفعون إلاَّ لمن ارتضى”‏‎ ‎‎‏(سورة الأنبياء، 28).‏‎‏ ‏

معنى حديث “شفاعَتي لأهلِ الكبائِرِ من أمّتي” أنَّ غير أهلِ الكبائِرِ لا يحتاجونَ للشَّفاعَةِ للإنقاذِ ‏‏من العذابِ، وكذلكَ لا يحتاجُ للشّفاعَةِ الذين ماتوا وهم تائبونَ. ‏

وأوَّلُ شَافِعٍ يَشْفَعُ هُوَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم. النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسّلامُ هو أوَّلُ من يشفعُ وأوَّلُ من تُقبَلُ ‏‏شفاعَتُهُ، فهو يختصُّ بالشّفاعَةِ العُظمَى وقد سُمّيت بذلكَ لأنّها لا تختصُّ بأمّتِهِ فقط بل ينتفعُ بها ‏‏غير أمّتِهِ من المؤمنينَ،‎ ‎وهي لتخليصهم من الاستمرارِ في حَرّ الشّمسِ في الموقِفِ، فإنَّ النّاسَ ‏‏عندما يكونونَ في ذلكَ الموقف يقولُ بعضهم لبعضٍ: تعالوا لنذهبَ إلى أبينا ءادم ليشفَع لنا إلى ‏‏ربّنا، فيأتونَ إلى ءادم يقولون: يا ءادمُ أنت أبو البشرِ خَلَقَكَ الله بيدِهِ ـ أي بعنايةٍ منه ـ وأسجَد لكَ ‏‏ملائكتهُ فاشفَع لنا إلى ربّنا، فيقولُ لهم: لستُ فلانًا، اذهبوا إلى نوحٍ، فيأتونَ نوحًا فيطلبونَ منه، ‏‏ثمّ يقولُ لهم: ايتوا إبراهيمَ، فيأتونَ إبراهيم، ثم إبراهيمُ يقولُ لهم: لست فلانًا، معناهُ أنا لستُ ‏‏صاحبَ هذهِ الشّفاعَةِ، فيأتونَ موسى فيقولُ لهم: لستُ فلانًا، فيقول لهم: ايتوا عيسى، فيأتونَ ‏‏عيسى فيقولُ لهم: لست فلانًا ولكن اذهبوا إلى محمّدٍ، فيأتونَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فيسجدُ النَّبيُّ لربّهِ فيُقَالُ ‏‏له: ارفع رأسَكَ واشفَع تُشَفَّع وسَل تُعطَ (وكلام الله صفته ليس حرفاً ولا صوتاً)، هذه تُسمَّى ‏‏الشّفاعة العظمَى لأنّها عامَّةٌ. وأما الكفارُ فلا ينتفعونَ بها لأنهم يُنقَلونَ من هذا الموقفِ إلى ‏‏موقفٍ أشدّ لا يستفيدونَ تخفيفَ مشقةٍ ولا نَيلَ راحَةٍ‎‏. ‏

ولا تكونُ الشّفاعَةُ إلا لمن آمنَ بمحمّد، ولذلكَ قالَ لابنتِهِ فاطمةَ أوّل ما نَزَلَ عليهِ القرءانُ ‏‎”‎يا ‏‏فاطمةُ بنت محمّدٍ سَليني ما شئتِ من مالي لا أُغني عنكِ مِنَ الله شيئًا‎”‎‏ رواه البخاري، ومعناهُ لا ‏‏أستطيعُ أن أنقذَكِ من النَّارِ إذا لم تؤمني، أما في الدّنيا أستطيعُ أن أنفعَكِ بمالي، أمَّا في الآخرةِ ‏‏لا أستطيعُ أن أنفعَكِ إن لم تَدخلي في دعوةِ الإسلام‎.‎