من كلام شيخنا الفقيه المحدث الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله تعالى رحمة واسعة وجزاه الله خيراً كثيراً:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى خلق كل شىءٍ من الماء”، قاله لأبي هريرةَ حين سأله بقوله: “يا رسول الله، إني إذا رأيتُكَ طابت نفسي وقَرَّت عيني، فأنبئني عن كُلِّ شىء”.
نقول في بيان وجه الدلالة (أي على أن الماء هو أول المخلوقات وليس كما ينسب بعضهم زوراً الى النبي انه قال لجابر بن عبد الله: اول ما خلق الله نور نبيك يا جابر.. هذا كذب ليس حديثاً شريفاً.. ليس له إسناد صحيح كما قال السيوطي في الحاوي)، لو كان هناك شىءٌ خلقه الله تعالى قبل الماء كما يدَّعي هؤلاءِ أن الله تبارك وتعالى خلق قبل كل شىء نورَ محمد، ما قال الرسول لأبي هريرةَ في جواب هذا السؤال الذي هو سؤالٌ عن أصل كل شىء “إنَّ اللهَ تعالى خَلقَ كلَّ شىءٍ من الماء”.. ما كان يقول له. فلما أجابه بهذا الجواب علِمنا أنَّ اللهَ تبارك وتعالى لم يخلُقْ شيئًا مما خَلقَ قبل الماء، لم يخلق شيئًا مما خلق قبل الماء. هذا رواه ابن حبان في صحيحه وابن ماجه في سننه، هذا الحديث.
وهناك من الموقوف على الصحابة ما رواه السُّدِيُّ إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن جماعة من الصحابة غيرِ مُسَمّينَ: “ما خلق الله تعالى شيئًا مِمَّا خَلقَ قبل الماء”.
هذا الذي رواه ابن عباس عن جماعة من الصحابة كذلك يؤيّد هذا الحديث المرفوع الصحيح الإسناد.
ثم هناك حديث آخر في صحيح البخاري وغيره أن جماعة من أهل اليمن أتوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسولَ الله، جئناكَ لِنتفقّهَ في الدين ولِنسألكَ عن بدءِ هذا الأمرِ كيف كان، وفي رواية ما كان. في رواية ولِنسألكَ عن بدءِ هذا الأمرِ كيف كان، وفي رواية ولِنسألكَ عن بدءِ هذا الأمرِ ما كان.
فوجه الدلالة من هذا الحديث أنهم سألوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم عن أول العالَم وكان جوابه لهم: “وكان عرشه على الماء” بعد أن أفادهم ما هو أهم من ذلك وهو الإخبار بأزلية الله تبارك وتعالى، أي أنه أوَّلُ لم يكن معه شىء غيره، فلما قال لهم بعد قوله: “كان اللهُ ولم يكن شىءٌ غيره” “وكان عرشه على الماء” علِمنا أَنَّ أولَ العالَم الماء والعرش. لكن لا نأخذ من هذا الحديث أَنَّ الماءَ قبلَ العرشِ خَلقًا وتكوينًا، لا نأخذ، إنما هذا نأخذه من حديث ابن ماجه وابن حبان السابق الذكر وهو: “إِنَّ اللهَ تعالى خلقَ كُلَّ شىءٍ منَ الماءِ”. فإذا أضفنا هذا الحديثَ إلى هذا الحديثِ تلخَّصَ لنا من هنا هذا المعنى وهو أن أوَّلَ العالَمِ وجودًا الماءُ ثم العرشُ، الماءُ ثمَّ العرشُ، استفدنا هذا الفهم من مجموع الحديثَينِ. رحم الله من كتبه ونشره وأحسن خاتمتنا، ءامين