فإنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ ومَنْ تَبِعَهُم مِنَ الخلَفِ يعتقدونَ أنَّ اللهَ موجودٌ ليسَ جِسمًا لطيفًا وليسَ جسمًا كثيفًا

Arabic Text By Jun 27, 2016


عقيدة السلف الصالح

الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، أما بعدُ؛

فإنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ ومَنْ تَبِعَهُم مِنَ الخلَفِ يعتقدونَ أنَّ اللهَ موجودٌ ليسَ جِسمًا لطيفًا وليسَ جسمًا كثيفًا وأنه مُنزهٌ عن أنْ يكونَ في جِهَةٍ ومكانٍ، كانَ موجودًا قبلَ الأماكِنِ والجهاتِ بلا مكان، فكمَا كانَ موجودًا قبلَ خَلقِ الأماكنِ والجهاتِ بلا مكانٍ فهوَ موجودٌ بلا مكان بعدَ خَلقِها ودليلُهم قولُهُ تعالى: ليس كمثله شئ لأنَّ الأشياءَ مِنْ أنواعِ العالَمِ الجسمُ وصفاتُ الجسمِ واللهٍ لا يُشَابِهُهَا، مِن هُنا قالَ الإمامُ أبو جعْفَرٍ الطّحَاوِيّ فِي كتابِهِ الذي سَمّاهُ عقيدَةَ أهلِ السُّنةِ والجماعةِ على أسلوبِ أبي حنيفةَ وصاحبيهِ: ((ومَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعنًى مِن معاني البشر فقد كَفَر)) ومعانِي البشرِ هي صفاتُهُم: الحركَةُ والسُّكونُ واللّونُ والانفعالُ والتعَبُ والتألُّمُ والتلذُّذُ والشمُّ والذوقُ وطروءُ الزيادَةِ والنقصَانِ والتحوّلُ مِنْ صِفَةٍ إلى صِفَة وما أشبَهَ ذلك مِنْ صِفَاتِ الجسمِ فالله منزهٌ عَنْ ذلك. وفي هذا بيانُ أنَّ مَنْ اعتقدَ في اللهِ الجِسْمِيَّةَ أو صِفَةً مِنْ صِفَاتِ الجسميةِ كافِرٌ وهذا مُعتَقَدُ كلِّ الأئمةِ مِنَ السَّلَفِ والخلَف، وأبو حنيفةَ وصاحباهُ مُحمَّدُ بنُ الحسنِ وأبو يوسُفَ القاضي كلٌّ مِنَ الأئمةِ الْمُجتَهِدينَ.

ولأبي حنيفةَ نصٌّ في كتابِهِ الفقهِ الأكبر بنفيِ الجهةِ عَنِ الله قال فيه: ((ولقاءُ اللهِ تعالى لأهلِ الجنَّةِ بلا تشبيهٍ ولا مكانٍ ولا جِهةٍ حَقٌّ))، وقالَ الإمامُ الشافعيّ: ((المجسّمُ كافِر)) ذَكَرَ ذلكَ الحافظُ السيوطيُّ في كتابهِ الأشباهِ والنظائر، وقال الحافظُ النوويّ: ((التجسيمُ الصَّريحُ كُفرٌ))، ونصَّ الشافعيُّ رضي الله عنه على أنَّ مَن اعتقدَ أنَّ الله جالِسٌ على العرشِ كافِرٌ ذَكَرَ ذلك صاحِبُ نَجمِ المهتدي ورَجمِ المعتدي[1]، وقد نَقَلَ ابنُ المعلِّمِ القرشيُّ عنِ الشيخِ الإمامِ أقضى القُضاةِ نَجمِ الدِّينِ في كتابِهِ المسمى كفايةُ النبيهِ في شرحِ التنبيه في كتابِهِ نَجمُ المهتدي في قولِ الشيخِ أبي إسحاقَ رضي الله عنه في بابِ صِفَةِ الأئمة: ((ولا يجوزُ الصَّلاةُ خلفَ كافرٍ لأنه لا صلاةَ له وكيفَ يُقتدى به ؟!)) ا.هـ. قالَ: ((وهذا مُنتَظِمٌ مَنْ كفرُهُ مُجمَعٌ عليه ومَنْ كفرنَاهُ مِنْ أهلِ القبلَةِ[2] كالقائلينَ بِخَلْقِ القرءانِ وبأنه لا يعلَمُ المعدوماتِ قبلَ وجودِها، ومَنْ لا يؤمِنُ بالقَدَرِ وكذا مَنْ يعتقدُ أنَّ الله جالِسٌ على العرشِ كما حكاهُ القاضي حُسَينٌ عن نصِّ الشافعيِّ رضيَ الله عنه)) ا.هـ. وذكرَ الحافظُ السُّبكيُّ وغيرُهُ: ((أنَّ الأئمةَ الأربعة قالوا بتكفيرِ القائلِ بإثباتِ التحيُّزِ في الجهةِ لله)) ا.هـ.

هذا دليلُ نفي التحيزِ في المكانِ والجهةِ عَنِ اللهِ مِنْ حيثُ النقلُ، أما مِنْ حيثُ العقلُ فالعقلُ يُحيلُ أنْ يكونَ خالِقُ العالَمِ جسمًا لأنَّ الجسمَ حادثٌ والحادِثُ يَحتاجُ إلى مُحْدِث، فلو كانَ اللهُ تعالى جِسمًا لكانَ حادِثًا، بِهذا استدلَّ أهلُ النظَرِ على أنَّ الشَّمسَ مَخلوقَةٌ لا تصلُحُ أنْ تكونَ إلـٰهًا خالِقًا لأنها جِسْمٌ له حَدٌّ ومِقدَارٌ وتتحوَّلُ مِنْ حالٍ إلى حالٍ وكلُّ ما كانَ متحوّلاً مِنْ حالٍ إلى حالٍ لا يجوزُ عقلاً أنْ يكونَ إلـٰهًا لأنَّ مِنْ شَرطِ الإلـٰهِ أن يكونَ قديمًا ليسَ لوجودِهِ ابتداء، فالشَّمسُ مُحتاجَةٌ لِمَن خَصَّها بِهذا الحجمِ وهذِهِ الصِّفةِ صِفَةِ الحرارةِ وشكلِ الاستدارَةِ لأنه لا يَصِحُّ في العقلِ أن تكونَ هيَ كَوَّنت نفسَها على هذه الصّفَةِ، فإذا كانت هذهِ الشمسُ التي هي جِرْمٌ مُشَاهَدٌ مَرئِيٌّ كثيرُ النفعِ لا تصلُحُ أن تكونَ إلـٰهًا كما يعتقدُ عُبَّادُها فكيفَ يَصِحُّ أنْ يكونَ الإلـٰهُ جِسمًا في جِهَةِ العرشِ جالسًا عليه؟! وقد استدلَّ إبراهيمُ عليه السَّلام على عَدَمِ صِحَّةِ ربوبيّةِ الشَّمسِ والقمَرِ والكوكبِ بتحوِّلِها مِنْ حالٍ إلى حال واللهُ تعالى أثنَى على ذلكَ فقالَ: وتلك حجتنا ءاتيناها ابراهيم.

ثم إنَّ علماءَ أهلِ السنَّةِ مِنَ الأشاعرةِ والماتُريدية نصّوا على أنَّ الله تعالى مُنزَّهٌ عن أنْ يكونَ كلامُهُ حرفًا وصوتًا لأنَّ الحرفَ والصَّوتَ مَخلوقانِ فقالوا: ((القرءانُ وغيرُهُ من الكُتُبِ المنزلةِ عباراتٌ عن كلامِ الله)) الذي ليسَ حرفًا ولا صوتًا، ليست عينَ كلامِهِ الذي هو متكلمٌ به وذلكَ لأنَّ اللُّغاتِ مَخلوقَةٌ ما كانت موجودَةً ثم أوجدَها الله، وصفاتُهُ: علمُهُ وقدرتُهُ ومشيئتُهُ وسَمعُهُ وبصَرُهُ وحياتُهُ كلُّها أزليةٌ أبديّةٌ ليست حادثَةً تَحدُثُ في ذاتِ اللهِ مِنْ وقتٍ إلى وقت كما تقولُ المشبّهة تَبَعًا لابنِ تيمية الذي قال: إنَّ اللهَ تَحدُثُ في ذاتِهِ إراداتٌ متعاقبةٌ وجنسُ هذهِ الإرادَة أزلِيّ، وقالوا أيضًا: إنَّ الله تَحدُثُ في ذاتِهِ حروفٌ وأصواتٌ متجددةٌ بِمرورِ الأوقات كما هو شأنُ كلامِ الناس اعتمادًا على كلامِ ابنِ تيمية وكلامِ مَنْ سَبَقَهُ مِنْ مُجَسِّمَةِ الحنابلةِ فخالَفَ ابنُ تيمية الذي قلدَهُ المشبّهة إجمَاعَ المسلمين لأنه أثبتَ أزليـًّا قديمًا ليسَ لوجودِهِ ابتداء سوى اللهِ بقولِهِ: إنَّ جِنْسَ العالَمِ أزلِيٌّ ليسَ لوجودِهِ ابتداء، ساوى ابنُ تيمية جِنسَ العالَمِ بالله فإنه يعتقدُ أنَّ كلَّ فردٍ مِنْ أفرادِ العالَمِ حادِثٌ لكن جنسُ العالَمِ ليس حادثٌ بل موجودٌ معَ الله، وقد تَبِعَ ابنُ تيميةَ في هذا الفلاسفَةَ الْمُحْدَثين[3]، ثم إنَّ مشبّهة العصر زادوا على ابنِ تيميةَ خلافَ ما اعتقدَهُ في بعضِ كتبِهِ، وقد قالَ ابن تيميةَ في كتابِهِ الكَلِمُ الطيّب: ((فَصلٌ فيما يقول مَنْ خَدِرَت رِجلُهُ)) قال: ((خَدِرَت رِجْلُ ابنِ عُمَرَ فقالَ له بعضُ الناسِ اذكر أحبَّ الناسِ إليك فقالَ يا مَحمّد فاستقامَتْ رِجلُهُ)) ا.هـ. فاستحسَنَ ابنُ تيميةَ في هذا الكتاب الاستغاثَةَ بالرَّسولِ (وهذا حقٌّ) وقد ذَكَرَ إبراهيمُ الحربِيّ الذي كانَ حافِظًا كبيرًا يُشبَّهُ بأحمدَ بنِ حنبل وكانَ مِنْ أصحابِ أحمد ذَكَرَ هذهِ القِصَّةَ وذَكَرَ أنهُ جاءَ في روايةٍ أنه قيلَ لابنِ عُمَرَ: ((ادعُ أحبَّ الناسِ إليك)) وذَكَرَ هذهِ القِصَّةَ المحدِّثُ الحافِظُ ابنُ السُّنِيّ في كتابِهِ عَمَلُ اليومِ واللّيلة وذَكَرَها الحافِظُ النوويّ والحافظُ ابنُ الجزريّ وقد خالَفَ مشبّهة العصر ابنُ تيمية في هذا فقالوا الاستغاثَةُ بالرسولِ بعد موتِهِ أو في حياتِهِ بغيرِ حَضرتِهِ شِرك ووافقوهُ في هذهِ لأنَّ ابنَ تيميةَ قالَ في كتابهِ التوسلُ والوسيلة: لا يجوزُ التوسلُ بغيرِ الحيِّ الحاضر، بذلك كَفَّرَت مشبّهة العصر المسلمينَ المتوسلين بأيِّ صيغة كأغثني يا رسولَ الله أو المدَدَ يا رسولَ الله أو أتوسلُ بِجَاهِ مُحمَّد، وهذا الكتابُ الكَلِمُ الطيب ثَبَتَ أنه مِنْ تآليفِ ابن تيمية فقد ذَكَرَ الذينَ ترجَموا ابنَ تيمية في النسخِ الخطية أنه من تآليفِهِ. ا.هـ

نحنُ نقول الشىءُ الذي يتحوَّلُ مِنْ حالٍ إلى حالٍ مَخلوق، الشىءُ الذي يتغير مَخلوقٌ حادث، المخلوقُ لا يصلُحُ أن يكونَ إلـٰها لو كانَ الله متحوّلاً متغيرًا لكانَ حادثًا مَخلوقًا واللهُ سبحانَهُ وتعالى كان موجودًا قبلَ خَلقِ الأماكنِ والجهاتِ بلا مكانٍ ولا جهة، بعدَ أن خَلَقَ الأماكِنَ والجهات موجودٌ بلا مكان ولا جهة لأنه لا يتحوّل من حال إلى حال (لا يتغير)، فإذا  أنكرَ شخص نقولُ له بأيِّ شىءٍ استدلَّ إبراهيم عليه السلام بإقامَةِ الحجَّةِ بالدليلِ العقليِّ على قومِهِ على بطلانِ عبادَتِهم للشمس والقمر والنجم (الذي هو الكوكب) لأنه قال: ﴿لا أحبّ الآفلين ﴾ يعني الذي يظهر ويغيب متغير متحوّل فإنه لا يصلُحُ أن يكونَ إلـٰهًا ﴾ هذا الاستدلال أي الاستدلال بتغيرِ الحوادثِ بإثباتِ حدوثِها وعدمِ صلاحيتِها بأن تكونَ إلـٰها يُعبد هذا استدلالٌ صحيحٌ في مَحلِّهِ وإذا أنكرَهُ شخص يكونُ أنكرَ القرءان ومَنْ أنكرَ القرءانَ كفر،قال الامام النسفيّ ((ورَدُّ النصوصِ كفرٌ))[4].


قال ابن حجر في إيضاح المناسك

عن ابن تيمية: ولقد كفّره كثير من العلماء

ويكفيه كفرا أنه جعل نوع العالم أزلّيا مع الله

كما نصّ على ذلك في سبعة من كتبه:منهاج السنة النبوية وتفسير سورة الأعلى ومجموع الفتاوى ونقد مراتب الإجماع وشرح حديث النزول وشرح حديث عمران بن حصين وموافقة صريح المعقول لصحيح المنقول

وقد حبس بإجماع العلماء وولاة الأمور

وقال الحافظ أبو زرعة العراقي

إن ابن تيمية خالف الإجماع في مسائل قيل

إنها تبلغ ستين مسئلة

بعضها في الأصول وبعضها في الفروع

وقد جعل الله محلا لقيام الحوادث

ووصف الله بالجلوس على العرش

وهو أول من حرّم السّفر بقصد زيارة قبر النبي

فوجب التحذير منه إجماعا

وفي كتاب :

موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول.ابن تيمية, الطبعة الاولى الكاملة (دار الكتب العلمية) صفحة 100

السطر (11)


يثبت ابن تيمية ان الله جسم على زعمه والعياذ بالله.

وبنفس الكتاب الجزء الأول صحيفة 291 يقول ما نصهُ: فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عينُ الحادث إ.هـ ثم قال : بل يكونُ الحادث اليومي مسبوقاً  بحوادث لا أول لها إ.هـ

وهذا من أشنع الكفر لأنه أثبت أزلياً سوى الله فأشرك بذلك بالله وقد كذب بذلك القرءان والحديثَ والإجماع والعقل

وفي نفس الكتاب من نفس الجزء صحيفة344 يقولُ ابن تيمية :فالله الحي القيوم القابض الباسط يتحركُ إذا شاء أ.هـ فانظروا  كيف شبه ابن تيمية رب العالمين بالخلق ووصفه بالحركة فالحركة صفة الجسم لأن معناها انتقال الجرم من مكان إلى آخر والحركةُ ضدُ السكون فهما متعاقبان والمتعاقبان حادثان فيكونُ ابن تيمية جعل الله حادثاً.

2-الفتاوى الكبرى .

ابن تيمية يقول : الدليل على ان الله في السماء قول النصارى في الانجيل ابانا الذي في السماء.

وبنفس الكتاب يقول الملائكة أعوان الله.


3– شرح حديث النزول.

في الصحيفة رقم 217 يقول ابن تيمية:

وابوكم الذي في السماء يغفر لكم كلكم .

والعياذ بالله من شِركِهِ (عقيدة النصارى) هذا دين ابن تيمية الذي يسمونه زورا شيخ الإسلام والعياذ بالله

4- شرح حديث النزول عمران بن حصين.

5–  منهاج السنة النبوية.

6- وفي كتاب حادي الارواح الى بلاد الافراح

ابن القيم ينقل فيه عن شيخه ابن تيمية قوله

بفناء النار و إنه لا يبقى فيها احدا.

صفحة (310-311-312-313)

الله تعالى يقول :*

( إنَّ الله لعن الكافرين وأعَدَّ لهُم سعيراً

خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً )* سورة الاحزاب ءاية 64

ويقولُ ابن تيمية في كتابه الذي سماهُ بيان تلبيس الجهمية في صحيفة573 مانصهُ:

فأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش يجدونهُ يثقل عليهم فيسبحهُ الذين يحملون العرش وذكر الخبر القاضي فقال اعلم انه غير ممتنعٍ حمل الخبر على ظاهره وأن ثقلهُ يحصلُ بذات الرحمن إذ ليس في ذلك مايحيل صفاته ا.هـ وهذا من أشنع الكفرِ جعل الله جسماً يثقلُ والعياذُ بالله .

وقد دأب المشبهة المجسمة نفاة التوسل على اعتبار ابن تيمية إمامهم وسموه شيخ الاسلام زوراً وبهتاناً فإن ابن تيمية هذا لم يكن من السلف لا زماناً ولااعتقاداً ولا قالاً ولا حالاً فإنهُ توفي في سنة سبعمائة وثمانٍ وعشرين للهجرة .728 هجري