قال الشيخ رحمه الله: الطَّرِيْقَةُ الرِّفَاعِيَّةُ مِنْ شَأْنِهَا التَّوَاضُعُ التَامُّ لِيَقْبَلَ النَّصِيْحَةَ مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْ أَيٍّ كَانَ

Miscellaneous By Jun 24, 2016

قال الشيخ رحمه الله: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “خَيرُكُم خَيرُكُم للنِّساءِ” رَوَاهُ الحَاكِمُ. مَعْنَاهُ الَّذِي يُحْسِنُ مُعَامَلةَ النِّسَاءِ أَيْ أَزْوَاجِهِ ‏هُوَ أَفْضَلُ، أَفْضَلُ المُسْلِمينَ هُوَ الَّذِي يُحْسِنُ مُعَامَلةَ أَزْوَاجِهِ، يُعَامِلُهَا بِالتَّوَاضُعِ وَالعَطْفِ وَالرَّحْمَةِ وَبَشَاشَةِ الوَجْهِ وَالإِحْسَانِ وَالعَفْوِ إِذَا هِيَ ‏أَسَاءَتْ، مَنْ كَانَ هَكَذَا هُوَ أَفضَلُ الرِّجَالِ لِأَنَّ الَّذِي يَكُوْنُ مَعَ امْرَأَتِهِ هَكَذَا يَكُونُ مَعَ الغَيْرِ هَكَذَا، يَكُوْنُ حَسَنَ الخُلُقِ. صَاحِبُ حُسْنِ الخُلُقِ ‏دَرَجَتُهُ كَدَرَجَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَصُوْمُ صِيَامًا مُتَتَابِعًا وَيَقُومُ اللَّيْلَ. الَّذِي يَتَواضَعُ وَيُسَامِحُ النَّاسَ الَّذِيْنَ أَسَاءُوا إِلَيْهِ وَهُوَ لَا يُؤْذِي غَيْرَهُ وَيَصْبِرُ ‏عَلَى أَذَى غَيْرِه وَيُحْسِنُ إِلَى النَّاسِ هَذا يُسَاوِي الرَّجُلَ الَّذِي يُصَلِّي نِصْفَ اللّيلِ مَثَلًا وَيَصُوْمُ كثِيْرًا، سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ فَوْقَ الفَرْضِ، ‏هَذَا بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَتُهُ عِنْدَ اللهِ مِثلُ ذَاكَ.‏

التَّوَاضُعُ لِلْأَزْوَاجِ مَطْلُوْبٌ وَالعَطْفُ عَلَيْهِنَّ. الرَّسُوْلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حُسْنِ خُلُقِهِ لَمَّا يَكُونُ يَبِيْتُ فِي بَيْتِ إِحْدَاهُنَّ لِأَجْلِ الدَّوْرِ، لِأَجْلِ القَسْمِ، ‏صَبَاحًا يَدُورُ عَلَى كُلٍّ، يَقِفُ عَلَى بَابِ هَذِه يَقُوْلُ: السَّلَامُ عَلَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَعَلَى بَابِ هَذِهِ وَعَلَى بَابِ هَذِهِ، حَتَّى يَعُمَّهُنَّ ‏كُلَّهُنَّ مِنْ شِدَّةِ تَوَاضُعِهِ، هُوَ بنَفْسِه يَقِفُ عَلَى بَابِ هَذِهِ يُسَلِّمُ عَلَيْهَا وَعَلَى بَابِ تِلْكَ حَتَّى يَعُمَّ الجَمِيْعَ، لَا يَنْتَظِرُ حَتَّى يَأْتِيْنَ هُنَّ فَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ، ‏هَذَا حُسْنُ مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ، أَمَّا أَكْثَرُ الأَزْوَاجِ يَتَرفَّعُونَ عَلَى زَوْجَاتِهِم، هَذَا خِلَافُ الشَّرْعِ، اللهُ لَا يُحِبُّهُ.‏


قال الشيخ رحمه الله: الرَّسُوْلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: “خَيْرُكُم خَيْرُكُم لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُم لِأَهْلِي”، مَعْنَاهُ أَنَا أَشَدُّ النَّاسِ إِحْسَانًا لِلْأَزْوَاجِ. مَن يُرِيْدُ ‏أَنْ يَقْتَدِيَ بِالرَّسُوْلِ يُعَامِلُ زَوْجَتَهُ بِالإِحْسَانِ لَيْسَ بِالتَّجَبُّرِ وَالتَّكَبُرِ. الرَّسُوْلُ كَانَ يَخْدِمُ كَمَا يَخْدِمُ النَّاسُ، يَعْمَلُ فِي خِدْمَةِ البَيْتِ، كَانَ يَحْلِبُ ‏الشَّاةَ وَيَرْقَعُ دَلْوَهُ إِنِ انْكَسَرَ الدَّلْوُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ إِذَا صَارَ فِيْهَا خَلَلٌ هُوَ بِيَدِهِ يُصْلِحُهُ، مَا (كَانَ) يُعَامِلُ النّاسَ مُعَامَلَةَ المُلُوْكِ لِلرَّعِيَّةِ، الَّذِي ‏وَرَدَ فِي الحَدِيْثِ قَالَتْ عَائِشَةُ لَمَّا سُئِلَتْ مَاذَا يَفْعَلُ رَسُوْلُ اللهِ فِي البَيْتِ؟ قَالَتْ: مَا يَعْمَلُ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ، مَعْنَاهُ كَانَ يَخْدِمُ فِي البَيْتِ.‏


قال الشيخ رحمه الله: الطَّرِيْقَةُ الرِّفَاعِيَّةُ مِنْ شَأْنِهَا التَّوَاضُعُ التَامُّ لِيَقْبَلَ النَّصِيْحَةَ مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْ أَيٍّ كَانَ. لِيَتَوَاضَعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُم مَعَ أَخِيْهِ ‏المُسْلِمِ الصَّغِيْرِ وَالكَبِيْرِ، الَّذِي مَعَكُم فِي الجَمْعِيَّةِ وَالَّذِي لَيْسَ مَعَكُم لِيُعَامَلْ بِالتَّوَاضُعِ. المُسْلِمُ إِذَا فَكَّرَ فِي المُسْلِمِ أَنَّهُ أَحْسَنُ مِنْهُ لَا يَضُرُّهُ، ‏حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّ فِيْهِ مَا يُخِلُّ بِالعَدَالَةِ، عِنْدَئِذٍ يَنْصَحُهُ حَتَّى يَصْلُحَ هَذَا الحَالُ، أَمَّا مَا لَم يَرَ فِيْهِ شَيْئًا يُخِلُّ بِالعَدَالَةِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَحْسَنُ مِنْهُ.‏


قال الشيخ رحمه الله: السَّيِّدُ أَحْمَدُ الرِّفَاعِيُّ كَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي لِيْنِ الجَانِبِ وَالتَّوَاضُعِ. الصَّابِئَةُ طَائِفَةٌ فِي العِرَاقِ كَانُوا يَعْبُدُوْنَ ‏الكَوَاكِبَ وَيُصَلُّوْنَ فِي جِهَةِ الشَّرْقِ، وَاحِدٌ مِنْهُم كَانَ أَضَاعَ بَقَرَةً وَتَعِبَ فِي التَّفْتِيْشِ عَنْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ دَخَلَ رِوَاقَ السَّيِّدِ أَحْمَدَ وَالرِّوَاقُ كَانَ ‏مَفْتُوْحًا يَدْخُلُهُ الغَرِيْبُ وَأَهْلُ البَلَدِ يَذْكُرُوْنَ اللهَ وَيُصَلُّوْنَ، ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُنَا أَحْمَدُ وَقَفَ عِنْدَهُ وَقَالَ لَهُ: أَظُنُّكَ غَرِيْبًا تَعِبًا، فَجَلَبَ لَهُ قَمْحًا وَهَيَّأَ لَهُ ‏ءَالَةَ الخَبْزِ، قَالَ: اصْنَعْ لِنَفْسِكَ خُبْزًا وَكُلْ، لِأَنَّ الصَّابِئَةَ مِنْ شِدَّةِ كَرَاهِيَتِهِم لِلْإِسْلَامِ لَا يَأْكُلُوْنَ خُبْزًا خَبَزَهُ مُسْلِمٌ، فَأَكَلَ هَذَا الصَّابِئِيُّ ثُمَّ أَرْسَلَ ‏مَعَهُ مَنْ يُوْصِلُهُ إِلَى دِجْلَةَ لِيَرْكَبَ إِلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ لَمَّا وَصَلَ إِلَى أَهْلِهِ قَالُوا لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ، فَحَكَى لَهُم القِصَّةَ أَسْلَمَ هُوَ وَأَسْلَمَ أَهْلُهُ وَغَيْرُهُم مِمَّنْ ‏سَمِعَ بِهَذَا.‏