إن هذه الفوائد من نفائس الإسلام على طريقة صوفية أهل السنة والجماعة، بعيدة من الإفراط والتفريط والتطرف الذي تروّج له فئات منحرفة عن الدين.
وهذه الفوائد جاءت على طريقة سلف الأمة الصالحين وعلى نهج الإمامين أبي الحسن اﻷشعري (324 هـ.) وأبي منصور الماتريدي (333 هـ.) وهما إماما أهل السنة والجماعة، وأهل السنة هم الفرقة الناجية.
فما ننشره هو حسب العقيدة التي قرّرها هذان الإمامان وهما من أعيان علماء السلف الصالح رضي الله عنهم. وعلى تلك العقيدة مشى أهل السنة في سائر أقطار الدنيا منذ زمنهما إلى يومنا هذا لم يخالف إلا قلة شاذة هالكة من معتزلة وأشباههم، ومشبهة مجسمة ضالة منحرفون عن السلف الحقيقيين وآخرون لا يُعبأ بهم.
وهذه الفوائد مأخوذة من أسيادنا أهل الفقه الصوفية الذين نهلوا العلم الصحيح بالإسناد المتصل إلى الإمامين الأشعري والماتريدي من طريق أمثال الحافظ البيهقي وإمام الحرمين وعبدالقاهر البغدادي والغزالي والخطابي وفخر الدين الرازي ومن لا يُحصى من علماء أهل السنة من السلف والخلف من مالكية وحنفية وشافعية وحنابلة من أهل الحق كالحافظ ابن الجوزي، لا الشذوذ ومنهم ابن تيمية وابن قيم الجوزية.
وهذه العقيدة هي التي قرّرها علماء الأزهر الشريف في القاهرة وفي الزيتونة في تونس وفي القرويين في المغرب، بل وفي أنحاء الدنيا إلى أندونيسيا والهند وغيرها بما يصعب حصره.
قال ابن حمدون المالكي عن الإمام الأشعري في حاشيته على ميارة في فقه الإمام مالك رضي الله عنه، وهي من أوائل ما يتعلمه الطلاب في بلاد واسعة: “إنه (أي الأشعري) أول من تصدى لتحرير عقائد أهل السنة وتلخيصها ودفع الشكوك والشبه عنها وإبطال دعوى الخصوم”.
وقال القاضي ابن فرحون في ترجمة الأشعري ما نصه: “صنف لأهل السنة التصانيف وأقام الحجج على إثبات السنن وما نفاه أهل البدع”، ثم قال: “فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية، ودفع شبه المعتزلة ومن بعدهم من الملحدة، وصنف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة، وناظر المعتزلة وظهر عليهم، وكان أبو الحسن القابسي يثني عليه وله رسالة في ذكره لمن سأله عن مذهبه فيه، أثنى عليه وأنصف”.
وقال ابن السبكي في ترجمته في الطبقات: “واعلم أن أبا الحسن الأشعري لم يبدع رأياً ولم يُنشِ مذهباً وإنما هو مقرّر لمذاهب السلف، مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقاً وتمسك به، وأقام الحجج والبراهين عليه فصار المقتدي به في ذلك السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعرياً”.
وقال كذلك: “وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة في العقائد يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجـماعة يدينون لله تعالى بطريق شيخ السنة أبي الحسن الأشعري رحمه الله”، ثم يقول: “وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة”.
وقال في موضع آخر: “قال المآيرقي المالكي: ولم يكن أبو الحسن أول متكلم بلسان أهل السنة، إنما جرى على سَنن غيره وعلى نصرة مذهب معروف، فزاد المذهب حجة وبياناً، ولم يبتدع مقالة اخترعها ولا مذهباً به، ألا ترى أن مذهب أهل المدينة نُسب إلى مالك ومن كان على مذهب أهل المدينة يقال له مالكي، ومالك إنما جرى على سَنن من كان قبله وكان كثير الاتباع لهم، إلا أنه لما زاد المذهب بياناً وبسطاً عُزي إليه، كذلك أبو الحسن الأشعري لا فرق ليس له في مذهب السلف أكثر من بسطه وشرحه وما ألفه في نصرته”.
ويقول ابن عابدين الحنفي في رد المحتار على الدر المختار: “أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية”، ومثل ذلك يقول الحافظ العلامة اللغوي مرتضى الزبيدي في شرح إحياء الغزالي رحمهم الله