اقترب شهر الصوم شهر رمضان الكريم المبارك، وللأسف تطالعنا قبل بدايته فتاوى لبعض المتعنتين المتنطعين يحرّمون أن يقول المسلم لأخيه المسلم “رمضان كريم” فرحاً واستبشاراً بهذا الشهر المكرّم، يردّون بجهلهم قولاً تعارف عليه المسلمون بلا نكير في بلاد الدنيا.
وأي جهل هذا، فكريم تقال بمعنى مكرّم كما يقال عظيم بمعنى معظّم.
قال ابن منظور في لسان العرب: والكريم الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل. اهـ
ومن هو هذا الجاهل المغفل الذي يظن أن شهر رمضان يحمل كيساً فيه أموال وذهب وفضة يوزعها على الناس، ولأجل ذلك يحرّم قول رمضان كريم لمجرد الشذوذ والعياذ بالله.
ولكن بما أن رمضان له مكرمة وكرامة وفضل وشأن عند الله ولولا ذلك ما أوجب صيامه واستحبّ قيامه، فقد كرُم على سائر الشهور، معناه أن الله فضله على سائر الشهور لأنه شهر المغفرة والرضوان، ولذلك سمّاه المسلمون كريماً كما قال الله تعالى حكاية عن بلقيس حين أرسل إليها نبيّ الله سليمان كتابه يدعوها إلى الإسلام: “قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ” (النمل، 29) بمعنى أن ما في الكتاب شيء حسن له شأن عظيم وكرامة وهو أنه يدعوها فيه سليمان إلى شيء كريم هو شهادة التوحيد، فكذلك رمضان له شأن كريم، وليس معنى الكريم المِعطاء فقط.
ثم ماذا يفعلون بحديث البخاري: “الكرِيمُ ابْنُ الكَرِيمِ ابْنِ الكَرِيمِ ابْنِ الَكريمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمِ السَّلاَمُ”؟
هل معنى الحديث أن كل واحد من هؤلاء الأنبياء كان يحمل كيساً فيه مال يوزع على الناس الهدايا والأعطيات!، أم معناه أن كل واحد منهم كريم أي مكرّم عند الله ولذلك استحقوا هذا المدح البالغ.
الخلاصة أن الكريم إذا أطلق على رمضان فهو جائز لا بأس فيه، وأن من منع ذلك من الوهابية كابن عثيمين وغيره فلا عبرة بهم أحلوا أم حرّموا لأنه لا يُعبأ بهم في ميزان أهل السنة والجماعة، ويكفي في بيان جهلهم قوله تعالى “إنه لقرءان كريم” في سورة الواقعة.