ومن أعظم الفساد ضلال المعتزلة في قولهم إن الإنسان يخلُقُ أفعالَهُ خالفوا قولَ اللهِ تعالى: “اللهُ خالِقُ كلِّ شىء” (سورة الزمر/62)، لأن الشئَ يَشملُ الجسمَ وعملَ الجسم، وقولَه تعالى: “هل من خالقٍ غيرُ اللهِ” (سورة فاطر/3).
هذا القول منهم كفر وضلال وفيه أن ما يفعلُه الإنسان بإرادته ليس بقضاء الله وقدَرِه، على زعمهم أن الذي هو بقضاء الله ما يفعله الإنسان بلا إرادة فقط.
أهل الحَقِّ يعتقدون أن أفعالَ العبد كلها خلقٌ لله تعالى وكسبٌ للعباد، فالمعتزلة خالفوا هذا وخرجوا عن الذي هو معتقد أهل السنة والجماعة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان.
يقول الإمام أبو جعفر الطحاوي: “أفعال العباد هي خلق الله تعالى وكسبٌ للعباد” وهو مما اتفق عليه أهل السنة والجماعة من الصحابة إلى عصره. ليس يتحدث عن رأيه الخاص بل يتحدث عن معتقد الأمّة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان، ليس من شذّ عنهم. والجمهور على ما كانوا عليه الصحابة. في المعتقد أمة محمد إلى يوم القيامة على وتيرةٍ واحدة.
جمهور أمة محمد معتقدهم أن الله تعالى هو خالق كلّ شىء من حركات العباد وسكونهم وأجسامهم، وكلُّ جسم وجرم دخل في الوجود فهو بخلق الله.
هؤلاء المعتزلة ءال أمرهم إلى تكذيب القرآن، وكذّبوا عدةَ آيات كقوله تعالى: “قل الله خالقُ كلّ شىء” لأنّ الشىء يشمل الحركات والسكنات ويشمَلُ الأجسام، ليس الشىءُ خاصاً بالأجسام، أليس يقول القائل ما عمِلتُ شيئاً؟! العمل الحركة والسّكون شىء، ليس الشىء الجسم فقط. حتى إنّه يُقال لُغَةً وشرعاً نويت شيئاً، يصحُّ لغةً وشرعاً قول نويت شيئاً. إذاً النية شىء وهي من أعمال القلب، فبالأولى أعمالُ الظّواهر الحركات والسّكنات تكون شيئاً. وقوله تعالى: “قل الله خالِقُ كلّ شىء” يشمَلُ الحركات والسّكنات التي هي من العباد، كَسْباً من العباد، وهي خلقٌ لله تعالى. هي من الله تعالى خلقاً وتكويناً.
وأصرح من ذلك قولُه تعالى: “هل من خالقٍ غيرُ الله” ما قال الله تعالى هل من خالق للأجسام غيرُ الله بل قال: “هل من خالق غيرُ الله” شمِل ذلك الحركات والسّكنات والأجسام، فكلُّ ذلك خلق الله تبارك وتعالى فكان الحقُّ مع أهل السنة والجماعة.