أخلاق الأكابر أهل البيت الكرام.
سيِّدُنا زينُ العابِدينَ أفضل أهل البيت في زمانه، هو عليُّ ابنُ سيِّدنا الحُسَين ابن سيدنا الإمام عليّ رضي الله عنهم، وكان يُقالُ لهُ السَّجادُ لكثرة ما يصلّي رضي الله عنه.
كانَ مِن أجملِ الناسِ خِلقَةً ومِن أحسَنِ الناسِ خُلُقًا ومِن أسخَى النَّاس.
النَّاسُ مِن حُسنِ حالِهِ ومَنظرِهِ كانوا يَهابُونَهُ أكثرَ مِنَ الملوكِ.
هذا الإمامُ السَّجاد أهانَهُ شخصٌ في وجهِهِ فَسَكَتَ، ما ردَّ عليهِ، ما انتقَمَ مِنهُ، فَذاكَ لَمَّا وجدَهُ لا يَرُدُّ عليهِ قالَ لهُ: إياكَ أَعني، فقالَ له السجاد: وعَنكَ أُغضِي، معناهُ أنا عَمدًا أسكُتُ عنكَ لا أُعامِلُكَ بالمِثلِ، فذلكَ الرجلُ تراجَعَ في نفسِهِ وندم على ما فَعَلَ قالَ في نفسِهِ أنا عامَلتُهُ بالشَّتم والإهانَةِ وهو ما قابَلَني بِالمِثلِ بَل أَغضَى عَنِّي فَوَبَّخَ نَفسَهُ ولامَهَا.
الله أمر بمحاسن الأخلاق، قال سبحانه: “فَاعفُ عنهم واصفَح إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المحسِنِينَ” (المائدة، 13) فالعفو خُلُق كريم وخصلة جميلة يزيل الله بها الضغائن والأحقاد من القلوب فـترتاح النفس لتتفرغ لما ينفعها لعمل الآخرة، ويطفئ الله بها نار الخصومات ويحيل الله ببركتها الفرقة إلى ائتلاف، والائتلاف مصدر للقوة بين المؤمنين وللأمة، ويزيل البغضاء والعداوة لتتحول إلى مودة والقطيعة إلى صلة وتحابب.
قال تعالى: “فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ” (الحجر، 85)، وحقيقة العفو إعراضك عمن ظلمك وصبرك على من أساء إليك وابتغاءك بذلك وجه الله. والعفو من الاخلاق التي يحبها الله وأيضاً قد يغفر الله سيئات الشخص بسبب عفوه عن أخيه الذي ظلمه، فمن كان قلبه سليماً من الحقد والأذی كان قلبه رقيقاً وأقرب الی التقوی فيسرع إلى مساعدة إخوانه والرفق بهم. وفي حديث النبي صلی الله عليه وسلم: “ارْحَمُوا تُرْحَمُوا وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ اللَّهُ لَكُمْ” رواه احمد.
عندما تعفو عمن ظلمك ولمن أساء إليك فلا تظن أن هذا العفو ذلّ وهوان، ولكنه عز ورفعة وكرامة ففي حديث رواه أحمد: ”وَلاَ عَفَا رَجُلٌ عَنْ مُظْلَمَةٍ إِلاَّ زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا”.
فاعف أخي وسامح فإنه دأب الصالحين، ذلك أن العفو والتسامح يقطعان الفتن ويبعدان وساوس الشيطان، فكن سليم الصدر لا تحمل غلاً ولا حقداً ولا بغضاء لتنام مرتاح البال قرير العين وتترقی عند الله تعالی، فالنبيّ صلی الله عليه وسلم بشّر من حسّن خلقه ببيت في أعلی الجنة. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا وارزقنا حسن الخلق.