هل كان في زمن السلف تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء ‏والصفات؟

Arabic Text By Jun 23, 2016

 

التوحيد إفراد القديم من المحدَث. والقديم هو الله الأزلي، وأما المحدَث فهو المخلوق.‏

‏ سؤال: هل كان في زمن السلف تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء ‏والصفات؟

‏ الجواب: لا، هذا التقسيم المبتدَع المفترى لا يعرفه السلف الصالح، ومن نسبه إليهم فهو كذاب مفتر، ولو أتعب ‏نفسه الدهر لا يجد ذلك في ‏كلام مثل الإمام الشافعي وغيره من أئمة أهل العلم في زمن السلف رضي الله ‏عنهم.‏

‏ فهذا التقسيم من بدع ابن تيمية المجسم توفي سنة 728 هـ. فهو ليس سلفياً لا من حيث الزمن ولا من حيث الاعتقاد ‏لمخالفاته الكثيرة في ‏الأصول والفروع، عبد خذله الله وأضله كما قال ابن حجر الفقيه في الفتاوى.‏

‏ والردّ عليهم في حديث سؤال القبر لأبي داود وأحمد وفيه: “وَيَأْتِيهِ (أي المؤمن) مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ ‏فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ”. ‏فلو كان توحيد الربوبية مغايرا لتوحيد الألوهية لكان سؤال الملكين في غير محله أو جواب المؤمن للملكين في غير ‏محله، وكلا ‏الاحتمالين غير وارد.‏

‏ وقال العلامة الشيخ يوسف الدجوي المتوفى سنة 1948 وهو من كبار مشايخ المالكية في مصر في زمنه ‏وعضو هيئة كبار العلماء: ‏‏”قولهم (أي أتباع ابن تيمية) إن التوحيد ينقسم إلى توحيد الربوبية وتوحيد ‏الألوهية تقسيم غير معروف لأحد قبل ابن تيمية، وما كان رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد دخل في الإسلام إن هناك ‏توحيدين وإنك لا تكون مسلماً حتى توحد توحيد الألوهية، ولا أشار إلى ذلك ‏بكلمة واحدة، ولا سُمِع ذلك عن ‏أحد من السلف الذين يتبجحّون (أي مدعو السلفية) باتباعهم في كل شيء (وهم كاذبون)، ولا معنى لهذا ‏‏التقسيم، فإن الإله الحق هو الربّ الحق”، هكذا يقال لهم: كلامكم وتقسيمكم مردود عليكم‎‏. ‏

‏ ويكفي في الردّ على هؤلاء المبتدعة ما يقرؤه المسلم في كل ركعة من صلاته كل يوم وهو قولنا في سورة ‏الفاتحة: “الحمد لله ربّ ‏العالمين”، هذه وحدها تكفي في الردّ عليهم، لأن من له الحمد وهو الله أي من له ‏الألوهية أي الخالقية، هو ربّ العالمين أي هو من له ‏الربوبية وهو أنه مالك كل شيء. فتوحيد الألوهية هو ‏توحيد الربوبية لا فارق بينهما.‏‎‏  ‏

‏ ومما يدل على ذلك كذلك ما ذكره ابن خالويه (ت 370 هـ.) في كتابه في إعراب الفاتحة وهو من مشاهير ‏اللغويين النحاة، قال رحمه الله ‏إن لفظ “ربّ” مجرور إما على أنه نعت لله أو بدل من لفظ لله، اي في آية ‏‏”الحمد لله ربّ العالمين”، فيكون في الحالين من له الألوهية هو ‏من له الربوبية، فالله هو ربّ العالمين، وربّ ‏العالمين هو الله، وهذه الآية كافية وحدها في نقض زعم المشبهة في أن هنالك فارقاً بين ‏توحيد الربوبية ‏وتوحيد الألوهية‎‏. ‏

‏ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري: وأما أهل السنة ففسروا التوحيد ‏بنفي التشبيه والتعطيل، ‏ومن ثم قال (إمام الصوفية) الجنيد فيما حكاه أبو القاسم القشيري: “التوحيد إفراد ‏القديم من المحدث”.‏

‏ ثم توحيد الألوهية داخل في عموم توحيد الربوبية بدليل أن الله تعالى لما أخذ الميثاق على ذرية آدم خاطبهم ‏تعالى بقوله (أي قال الملك ‏‏(مفرد الملائكة) مبلغاً عن الله إن ربكم يقول): “ألستُ بربكم” ولم يقل بإلهكم، فاكتفى منهم بتوحيد الربوبية، ومن المعلوم أن من أقرَّ له ‏تعالى ‏بالربوبية فقد أَقرَّ له بالألوهية. ‏