الدليل على مشروعية السبحة والرد على على المانعين.
ففي باب جواز عقد التسبيح باليد وكذلك عدّه بنوى التمر مثلاً ونحوه جاء عن بسيرة وكانت من المهاجرات رضي الله عنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات”، رواه أحمد والترمذي وأبو داود.
وعن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال: ”أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل. سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك”، رواه أبو داود والترمذي.
وعن صفية قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بها، فقال: لقد سبحت بهذا.. ألا أعلمك بأكثر مما سبحت به؟، فقالت علمني فقال: “قولي سبحان الله عدد خلقه”، رواه الترمذي.
وأما الحديث الأول فأخرجه أيضا الحاكم، وقد صحح السيوطي إسناده. وأما الحديث الثاني فأخرجه أيضا النسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه وحسنه الترمذي. وأما الحديث الثالث فأخرجه أيضا الحاكم وصححه السيوطي.
والحديث الأول يدل على مشروعية عقد الأنامل بالتسبيح، والحديثان الآخران يدلان على جواز عدّ التسبيح بالنوى والحصى وكذا بالسبحة لعدم الفارق لتقريره صلى الله عليه وسلم للمرأتين على ذلك. وعدم إنكاره والإرشاد إلى ما هو أفضل لا ينافي الجواز .
وقد وردت بذلك آثار ففي جزء هلال الحفار من طريق معتمر بن سليمان عن أبي صفية مولى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يوضع له نطع ويجاء بزنبيل فيه حصى فيسبح به إلى نصف النهار ثم يرفع فإذا صلى أتى به فيسبح حتى يمسي.
وأخرجه الإمام أحمد في الزهد قال: حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد عن يونس بن عبيد عن أمه قالت: رأيت أبا صفية رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان خازناً قالت: فكان يسبح بالحصى.
وأخرج ابن سعد أن سعد بن أبي وقاص كان يسبح بالحصى، وقال ابن سعد في الطبقات: عن جابر عن امرأة خدمته عن فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب أنها كانت تسبح بخيط معقود فيه .وأخرج عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد الزهد عن أبي هريرة أنه كان له خيط فيه ألف عقدة فلا ينام حتى يسبح. وأخرج أحمد في الزهد عن القاسم بن عبد الرحمن قال: كان لأبي الدرداء نوى من العجوة في كيس فكان إذا صلى الغداة أخرجها واحدة واحدة يسبح بهن حتى ينفذهن.
وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة أنه كان يسبح بالنوى المجموع. وأخرج الديلمي عن أم الحسن بنت جعفر عن أبيها عن جدها عن علي رضي الله عنه مرفوعا ”نِعمَ المُذكر السبحة” أي أنها تذكر بذكر الله تعالى. وقد ساق السيوطي آثاراً في الجزء الذي سماه ”المنحة في السبحة” قال في آخره: ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من جواز عدّ الذكر بالسبحة، بل كان أكثرهم يعدّونه بها ولا يرون ذلك مكروهاً.