هل نصّ علماء أهل السنة على استحباب أن يدعو الإمام بعد الصلوات المفروضات ويقول المأمومون آمين؟

Arabic Text By Jun 23, 2016


السؤال: هل نصّ علماء أهل السنة على استحباب أن يدعو الإمام بعد الصلوات المفروضات ويقول المأمومون آمين؟

الجواب: نعم، نصّ فقهاء أهل السنة والجماعة على استحباب ذلك ومشروعيّـته لأن الدعاء يكون أقرب للإجابة بعد الصلاة المفروضة ‏لحديث الترمذي عن أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ قَالَ “جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرُ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ”، ‏قَالَ الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. ‏

ثم الدعاء والذكر جماعة حض عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي باب التأمين على الدعاء من مجمع الزوائد للحافظ نور الدين الهيثمي عن حبيب ‏بن مسلمة الفهري رضي الله عنه وكان مستجاباً أنه أمر على جيش فدرب الدروب، فلما لقي العدو قال للناس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ‏‏”لا يجتمع ملأ فيدعو بعضهم ويؤمّن سائرهم إلا أجابهم الله”.‏

وكذلك الجهر بالذكر منصوص على استحبابه دبر الصلوات وفي غيرها من المواطن المشروع فيها ذلك، ولا شك أن الداعي ذاكرٌ لربّه ‏سبحانه، وفي حديث مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى وَأَنَا مَعَهُ حِينَ ‏يَذْكُرُنِى. إِنْ ذَكَرَنِى فِى نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِى نَفْسِى، وَإِنْ ذَكَرَنِى فِى مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِى مَلإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ”، فهذا الحديث القدسي واضح جليّ في ‏استحباب الذكر في ملإ أي جماعة وأن الله تعالى يثيب عليه ثواباً عظيماً.‏

ثم نصوص الفقهاء مستفيضة في استحباب ذلك ومشروعيته ولا عبرة بمن خالف في ذلك من المبتدعة، ومن ذلك نص فقهاء المذهب ‏الحنبلي الذي يدّعي بعض أتباع ابن تيمية الانتساب إليه وهم يخالفون سيدنا أحمد رضي الله عنه في مسائل شنيعة في الفروع فضلاً عن ‏مخالفاتهم للمسلمين في أصل الاعتقاد والعياذ بالله. ومن فقهاء الحنابلة الذين نصوا على استحباب الدعاء بعد الصلاة الشيخ منصور البهوتي ‏في كشاف القناع قال رحمه الله في “فصل، يسن ذكر الله والدعاء والاستغفار عقب الصلاة” ما نصه: “(ويدعو) الإمام (بعد فجر وعصر ‏لحضور الملائكة) أي ملائكة الليل والنهار (فيهما فيؤمّنون [أي المأمومون]) على الدعاء فيكون أقرب للإجابة، (وكذا) يدعو بعد (غيرهما ‏من الصلوات) لأن من أوقات الإجابة ادبار المكتوبات).ا.هـ. وهذا نص من المذهب الحنبلي على استحباب ذلك.‏

وقال الحافظ النووي في المجموع شرح المهذب للشيرازي إنّ الذكر والدعاء بعد الصلاة المفروضة مستحبّ بالاتفاق بلا خلاف أي بالإجماع، ثم ‏قال: “وأما ما اعتاده الناس أو كثير منهم من تخصيص دعاء الإمام بصلاتي الصبح والعصر فلا أصل له، وإن كان قد أشار إليه صاحب ‏الحاوي فقال: إن كانت صلاة لا يتنفل بعدها كالصبح والعصر واستدبر القبلة واستقبل الناس ودعا، وإن كانت مما يتنفل بعدها كالظهر ‏والمغرب والعشاء فيختار أن يتنفل في منزله. وهذا الذي أشار إليه (صاحب الحاوي) من التخصيص لا أصل له، بل الصواب استحبابه في ‏كل الصلوات، ويستحب أن يقبل على الناس فيدعو والله أعلم”.‏