قال مؤلفها رحمه الله: “وأحصَى كلَّ شيءٍ عَدَدًا”، أي أنه عزَّ وجلَّ علم بعلمه الأزلي أعداد كلّ شيء، علم ذلك قبل أن يَخلقَ أيَّ مخلوق من المخلوقين كما قال تعالى: ﴿وأحصى كُلَّ شىءٍ عددًا﴾ [سورة الجن].
قال رحمه الله: “فَعَّالٌ لما يُريدُ” أي أنه سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء. ما شاء الله حصوله بمشيئته الأزلية فهو تعالى فعَلَهُ بفعله الأزلي. الله أزلي وصفاته أزلية. مشيئته أي إرادته أزليةٌ والمُراداتُ حادثة. فعله تعالى أزليٌّ والمفعول حادث. صفة الخلق لله أزلية أما المخلوق فله بداية.
ولا تتغيّر مشيئة الله عزَّ وجلَّ لأن التغيّر يحصل في المخلوقين وهو – أي التغيّر – أكبر علامات الحدوث أي المخلوقية.
قال تعالى: ﴿ما يبدَّلُ القولُ لدىَّ﴾ [سورة ق]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قال الله تعالى: يا محمد إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يُردَّ” رواه مسلم. وإنما يغيّر الله المخلوقين بحسب مشيئته التي لا تتغير، فما شاء الله حصوله وُجد في الوقت الذي شاء الله وجوده فيه. وما لم يشأ الله وجوده فلا يوجد أبدًا، كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن” رواه أبو داود. وسواء في ذلك الخير والشر والطاعة والمعصية والكفر والإيمان، فإنها كلها تحصل بمشيئة الله تعالى وعلمه وقضائه وقدره، لكن الخير بمحبة الله وبرضاه وبأمره، والشر ليس بمحبة الله ولا برضاه ولا بأمره