اشتهر لدى كثير من الناس التعبيرُ عن الحسابِ يوم القيامة يسمونه “الوقوف بين يدي الله”. هنا معنى الوقوف بين يديِ الله حساب العباد عند عرضِ أعمالهِم عليهِم، وليس معنى ذلك أن الله تعالى يكون في موقفِ القيامةِ ويكون الناس حوله والعياذ بالله، لأن الله تعالى ليس جسمًا يتحيزُ في مكانٍ ولا هو سبحانه في كلّ مكان. هو الله موجود بلا كيف ولا مكان كما قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في رسائله في العقيدة. الله ليس متحيزًا في مكانٍ ولا في جهةٍ من الجهات الستّ كما قال السلف الصالح، وهو إجماع نصّ عليه الإمام الطحاوي رحمه الله (ت 321 هـ.). ولا هو سبحانه منتشر في الفراغِ ولا موجود في السماء بذاته؛ ولا هو تعالى ضمن بناء، ولا هو في هواءِ العرشِ ولا هو جالسٌ على العرش لأن الجلوسَ والاستقرارَ من صفاتِ الخلقِ والله منزهٌ عن هذا كلهِ لقوله تعالى “ليس كمثله شىء” (الشورى،11).
وأما تلك الهيئة التي يتصوّرها المشبهة لله بخلقه من أن الله تعالى يكون ذلك اليوم في موقفِ القيامةِ والناس حوله يجتمعون لأجل الحسابِ، فهذه الهيئة لا تجوزُ على الله لأن هذه هيئة الملوكِ تحُفُّ بهم رعاياهم في الدنيا، وأما تشبيه الله تعالى بهيئة أو بصورة من الصور فهذا من الكفر المهلك إذ الله تعالى منزّه عن مشابهة المخلوقات. ومن اعتقد التشبيه أو المكان أو الجلوس في حق الله تعالى، فيجب عليه الرجوع عن ذلك إلى الاعتقاد الصحيح والتشهد ليرجع مسلماً يقول بلسانه: لا إله إلا الله محمد رسول الله.ا.هـ.