هل يجوز تهنئة الأهل والإخوان والأحباب بقدوم السنة الهجرية الجديدة؟

Arabic Text By Jun 22, 2016

السؤال: هل يجوز تهنئة الأهل والإخوان والأحباب بقدوم السنة الهجرية الجديدة؟

الجواب: نعم يجوز أن يدعو المسلم لأخيه المسلم بالهناء والسعد والسعادة والرخاء ‏في السنة الهجرية الجديدة، لا يوجد مانع من ذلك شرعاً، ولا سيما مع التذكير ‏بمحاسن هجرة النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وما حصل معه عليه ‏الصلاة والسلام من الآيات البينات والمعجزات الباهرات إثباتاً لنبوته ورسالته، وأن الله ‏فضّله على العالمين كما فضل أمته على سائر الأمم بنصّ كتابه تعالى. ‏

وكذلك مما يُستحسن شرعاً ذكر فضائل سيدنا أبي بكر الصديق كما أتى القرآن على ‏ذكره دلالة على تقديمه على سائر الصحابة رضي الله عنهم، حتى قال العلماء إن من ‏أنكر صحبة أبي بكر للنبيّ فقد كفر لأن في ذلك تكذيباً لقول الله تعالى: “إذ يقول ‏لصاحبه لا تحزن إن الله معنا” (التوبة، 40).‏‎

وقوله تعالى “إن الله معنا” أي بالنصرة والكلاءة والحفظ والعلم، وقد انعقد الإجماع ‏على أن المراد بلفظ “صاحبه” هنا أبو بكر، فمن أنكر صحبته رضي الله عنه لرسول الله ‏صلى الله عليه وسلم فقد كذّب كتاب الله تعالى، ونصّ الفقيه الشافعي المشهور شهاب الدين الرملي ‏وغيره على أن ذلك كفر، قاله في نهاية المحتاج شرح المنهاج‎.

وهنا مناسبة للتذكير ببركات مثل هذه المناسبة الشريفة من هجرة الرسول من أم ‏القرى وما فيها من الحكمة والفضيلة والبركة، إذ انتشر الإسلام انطلاقاً من المدينة ‏المنورة، وهذا كان بوحي من الله كما قال صلى الله عليه وسلم “أمرت بقرية تأكل القرى” رواه البخاري ‏ومعناه من المدينة المنورة تنطلق الفتوح الإسلامية. ‏

ومما يشبه ذكرى الهجرة الشريفة الاحتفال بيوم مولده عليه الصلاة والسلام، يُستدل ‏على استحباب التذكير بذلك كله وإحيائه بالاحتفال بقراءة القرآن والحديث والوعظ ‏ومدح الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، بقوله تعالى في حق موسى في القرآن العظيم: “ولقد ‏أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ‏ذلك لآيات لكل صبار شكور” (ابراهيم، 5).‏‎

قال القرطبي: “نظيره قوله تعالى لنبيّنا أول السورة: “لتخرج الناس من الظلمات إلى ‏النور” (إبراهيم، 1). وقوله تعالى: “وذكرهم بأيام الله” أي قل لهم قولاً يتذكرون به أيام ‏الله تعالى. قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: بنعم الله عليهم (نعم جمع نعمة) وقاله ‏أبيّ بن كعب ورواه مرفوعا أي بما أنعم الله عليهم من النجاة من فرعون ومن التيه ‏إلى سائر النعم، وقد تسمى النعم الأيام. وقال الطبري: وعظهم (من الوعظ) بما ‏سلف في الأيام الماضية لهم، أي بما كان في أيام الله من النعمة والمحنة، واكتفى ‏بذكر الأيام لأنها كانت معلومة عندهم. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي ‏بن كعب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينا موسى عليه السلام في قومه ‏يذكرهم بأيام الله وأيام الله بلاؤه ونعماؤه وذكر حديث الخضر.. ودلّ هذا على جواز ‏الوعظ المرقق للقلوب المقوي لليقين الخالي من كل بدعة والمنزه عن كل ضلالة ‏وشبهة”.ا.هـ.‏‎

فقد دلت الآية وهذا ما فهمه وقاله القرطبي وسائر العلماء من أهل‎ ‎السنة‎ ‎والجماعة، ‏على استحباب التذكير بالأيام التي عظمت فيها النعماء على الأنبياء وعلى أممهم‎.

ومَن هذا الملحد الضالّ الذي ينكر ما في الهجرة الشريفة من النعماء على النبيّ ‏وعلى أمته صلى الله عليه وسلم؟‎!

فمن حرّم على الأمة المحمدية التذكير بفضل الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبه ‏الكريم أبي بكر رضي الله عنه في الهجرة الشريفة، فهو يحرّم ذلك لضغينة في سواد ‏قلبه لأجلها يكره التذكير بمحاسن الإسلام وينكر ما جاء صريحاً في كتاب الله تعالى ‏من التذكير بأيام الله أي بأيام النعمة على أمة الإسلام. وفهمهم هذا عكس فهم أكابر ‏الصحابة كأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ومن تلاه من أئمة أمة الإسلام وعوامّهم ‏إلى يومنا هذا، توافقوا على اتخاذ هجرة النبي بدءاً للتاريخ الإسلامي، فلولا أن ‏الهجرة كانت من أيام الله المباركة العظيمة هل كان عمر يتخذها منطلقاً للتأريخ في ‏أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهل كان الصحابة ومن بعدهم من السلف والخلف إلى يومنا هذا ‏يوافقونه لولا ذلك‎.

وما قدمناه يدل على الفهم المعكوس لأتباع ابن تيمية فهم يحبون معاكسة القرآن ‏الكريم في العقيدة يشبّهون الله بخلقه، وفي تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم يعاكسون ما عليه أمة ‏الإسلام من محبته وتعظيم شأنه صلى الله عليه وسلم حياً وبعد وفاته، ويأمرون الناس بإخفاء الأيام ‏المجيدة في تاريخ الإسلام. ‏

فإن قالوا الصحابة لم يحتفلوا بأول‎ ‎السنة‎ ‎الهجرية، قلنا لهم وفعل عمر من التأريخ ‏بهذه الهجرة الشريفة ألا يدلّ على احتفاء واهتمام خاص بهذا اليوم؟‎

ثم أنتم أيها التيميون الوهابيون، تمنعون الاحتفال بيوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم وذكرى هجرته ‏الشريفة، وتحتفلون بمحمد بن عبدالوهاب أسبوعاً كاملاً مشهوراً بينكم باسم ‏‏”أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب”، تحرمون ما أحلّ الله وتبتدعون أسبوعاً كاملاً ‏لزعيمكم، فأي تناقض هذا، عجيب أمركم أيها التيميون، اتقوا الله تعالی!‏