ومن العبر المستفادة من الهجرة الشريفة كذلك، أن الرّسول وهو أشجع خلق الله تعالی، خرج من مكة المكرمة لمصلحة الدعوة إلى الله ولنشر التوحيد وتهيئة أركان دولة الإسلام وترتيب أسسها ودعائمها، وليس هناك مخلوق أشجع من رسول الله صلی الله عليه وسلم.
الهجرة النبويّة لم تكن هروبًا من قتال ولا جُبنًا عن مواجهة مشركي قريش، ولا تخاذلاً عن إحقاق حقّ أو إبطال باطل، بل هي هجرة بأمر الله تعالى من مكة المكرمة الی المدينة المنورة لنشر الإسلام، وبياناً لفضل الأنصار الذين نصروا دعوته وأيّدوه وآزروه صلى الله عليه وسلم.
أنبياءَ الله تعالى يستحيل عليهم الجُبن لأن الأنبياء هم أشجع خلق الله، فقد قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “كنا إذا حَمِيَ البأسُ ولَقِيَ القومُ القومَ اتَّقَيْنَا برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فما يكونُ أحدٌ أقربَ إلى العدوِّ منهُ” رواه الحافظ العراقي. الله تعالى أعطى نبيّنا محمداً صلى الله عليه وسلم قوّة أربعين رجلاً مِن الأشداء.
فالجُبن والهرب لا يليقان بأنبياء الله تعالى فلا يقال عنِ النبيّ “هرب” لأن كلمة “هرب” تُشعِرُ بالجُبن، ومن قالها عن نبي من الانبياء كفر.