تذكروا صيام عاشوراء واليوم الذي بعده، ففي مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبِ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِر”.
وفي مسلم كذلك عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: وَسُئِلَ – أي رسول الله – عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: “يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيةَ”. وفي لفظ: “وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَىَ اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ”.اهـ
ويسن أيضاً صيام تاسوعاء، وهو تاسع المحرم لقوله صلى الله عليه وسلم: “لَئِنْ بَقِيتُ إِلَىَ قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ ” رواه مسلم، ولكن مات رسول الله قبل ذلك.
وقال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون: يستحب صوم التاسع والعاشر جميعًا لأن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صام العاشر ونوى صيام التاسع.
قال بعض العلماء: ولعل السبب في صوم التاسع مع العاشر أن لا يتشبه باليهود في إفراد العاشر. وقال بعضهم: وحكمة صوم يوم تاسوعاء مع عاشوراء الاحتياط لصيام عاشوراء لاحتمال الغلط في أول شهر محرّم ولمخالفة اليهود فإنهم يصومون العاشر، وللاحترازُ من إفراده بالصوم كما في يوم الجمعة، فإن لم يصم معه تاسوعاء سُنّ أن يصومَ معه الحادي عشر بل نصّ الشافعيُ في الأم والإملاء على صوم الثلاثة.
ويستفاد من صوم النبي ليوم عاشوراء جوازُ فعلِ الشُّكرِ لله على مَا مَنّ به في يومٍ مُعيّنٍ من إسداءِ نِعمَةٍ أو دَفْعِ نِقمَةٍ، ويُعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة ويكون ذلك حسب ما تقرره القواعد الشرعية.
ويُستفاد منه أيضاً مشروعية مخالفة اليهود وعدم التشبه بهم وبسائر الكفار في ما هم يختصون به، ولذلك قال الرسول: “لَئِنْ بَقِيتُ إِلَىَ قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ”، فالرسول يعلمنا أن نخالف الكفار وأن لا نتشبه بهم.
وأما صيام الرسول لهذا اليوم مع أن اليهود كانوا يصومونه فقد فسّرَهُ الرسول بقوله: “نحن أَولى بموسى منكم” وهذا بوحي من الله تعالى، فصامه شكرًا لله على نعمة نجاة سيدنا موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
وأما حديث “من وسّع على عياله في يوم عاشوراء، وسع الله عليه في سنته كلها” فقد رواه الطبراني في اﻷوسط والبيهقي في الشعب من حديث جابر وقال: أسانيده كلها ضعيفة ولكن إذا ضم بعضها إلى بعض أفاد قوة، ذكره في اﻷمالي المطلقة للحافظ ابن حجر العسقﻻني رحمه الله.