وممن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاح النجاشي ملك الحبشة رضي الله عنه، ففي صحيح البخاري أن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قَدْ تُوُفِّي الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ الْحَبَشِ فَهَلُمَّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ، قَالَ جابر بن عبدالله رضي الله عنه: فَصَفَفْنَا فَصَلَّى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَنَحْنُ مَعَهُ صُفُوفٌ.
وفي قصة النجاشي رضي الله عنه عَـلَـمٌ من أعلام (أي دليل على) النبوة (أي معجزة) لأنه صلى الله عليه وسلم أعلم الصحابة رضي الله عنهم بموت النجاشي في الحبشة في اليوم الذي مات فيه مع بُعد ما بين أرض الحبشة (يقال لها اليوم إثيوبيا) والمدينة المنورة.
قال الزركشي: قوله (النجاشي) نونه مفتوحة في المشهور، وزعم ابن دحية وابن السيد أنه بكسرها أيضاً والياء مشددة والصواب تخفيفها قاله (ابن الأثير) في النهاية، واسمه أصحمة والحبشة يقولون أصخمة بالخاء المعجمة، توفي رحمه الله تعالى في رجب سنة تسع وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة.
قال ابن حجر هو اصحمة بن ابحر النجاشي ملك الحبشة واسمه بالعربية عطية، والنجاشي لقب له، أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يهاجر إليه، وكان ردءاً للمسلمين نافعاً وقصته مشهورة في المغازي في إحسانه إلى المسلمين الذين هاجروا إليه في صدر الإسلام. وأخرج أصحاب الصحيح قصة صلاته صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب (أي صلاة الجنازة عليه) من طرق منها رواية سعيد بن مينا عن جابر ومنها رواية عطاء بن جابر لما مات النجاشي قال النبي صلى الله عليه سلمئ: قد مات اليوم عبد صالح يقال له أصحمة فقوموا فصلوا على أصحمة فصفنا خلفه، هذا لفظ القطان عن ابن جريج عن النبيّ. وفي رواية ابن عيينة عن ابن جريج قد مات اليوم عبد صالح فقوموا فصلوا على أصحمة. قال الطبري وجماعة كان ذلك في رجب سنة تسع. وعن عروة عن عائشة لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يُرى على قبره نور. وجاء من طريق زمعة بن الصالح عن الزهري ويحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال أصبحنا ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخاكم أصحمة النجاشي قد توفي فصلوا عليه، قال: فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووثبنا معه حتى جاء المصلى فقام فصففنا وراءه فكبر أربع تكبيرات. والنجاشي بفتح النون على المشهور وقيل تكسر، وتخفيف الجيم وأخطأ من شدّدها، وبتشديد آخره وحكى المطرزي التخفيف ورجحه الصغاني، وأصحمة بوزن أربعة وحاؤه مهملة وقيل معجمة، وقيل صحمة بغير ألف.