“له المُلك” أي أن الله تعالى له السلطان التامّ الذي لا ينازعه فيه منازع

Arabic Text By Jun 21, 2016


قال مؤلفها رحمه الله: “له المُلك” أي أن الله تعالى له السلطان التامّ الذي لا ينازعه فيه منازع. ومُلكه تعالى غير المُلك ‏المخلوق الذي يعطيه الله لمن يشاء من عباده لأن هذا الملك المخلوق يزول، أما ملك الله تعالى فلا يزول. المُلك صفة أزلية ‏أبدية لله تعالى، والمملوك محدَث مخلوق‎.

وقول الله تعالى: “الرحمن على العرش استوى” (طه، 5) أي أن مالك العرش وقاهره هو الله تعالى. ويُستدل بالآية على أن الله ‏قاهر العرش أكبر المخلوقات هو سبحانه القاهر لما دون العرش من باب أولى. إذا قيل استوى معناه قهر واستولى فلا بأس في ‏ذلك لغة ولا بأس شرعاً، نص عليه كثير من اللغويين في كتبهم منهم ابن الحاجب والراغب وغيرهما. هو الله تعالى وصف ‏نفسه بأنه غالب على أمره، أي أن مراده تعالى نافذ في مخلوقاته، فلا كلام بعد كلام الله تعالى. وتفسير الاستواء بالقهر موافق ‏لقول الله تعالى: “وهو القاهر فوق عباده” (الأنعام، 18) أي فوقية قهر لا فوقية جهة ومكان، فلا عبرة بإنكار من أنكر فهو ‏محجوج بآية سورة الأنعام، وبآية “والله غالب على أمره” (يوسف، ‏‎21).

بعض الذين يريدون التشويش على المسلمين يمنعون تفسير الاستواء بالقهر والاستيلاء والغلبة، يريد هؤلاء المبتدعة تفسير ‏الاستواء بالجلوس والعياذ بالله تعالى، ودينهم هذا يوافق دين المشبهة لله بخلقه. أما دين الإسلام فهو دين التنزيه. هؤلاء ‏المشبهة يقولون التأويل ممنوع، يقولون يجب نأخذ بالظاهر في كل شيء، يزعمون أن هذا هو مذهب السلف. فمن أراد أن ‏يعرف فساد كلامهم فلينظر إلى تأويل الإمام البخاري وهو من أئمة السلف رضي الله عنه توفي سنة 256 هـ.، قال في تفسير ‏سورة القصص من صحيحه ما نصه: “كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ إِلا مُلْكَهُ”. البخاري رحمه الله أوّل الوجه هنا بالمُلك ولم يقل ‏إن الله يوصف بالجارحة ولا قال هو على ظاهره والعياذ بالله‎.

وهذا دليل على أن من السلف من كان يؤوّل تأويلاً تفصيلياً وإن يكن أكثرهم قالوا أمرّوها كما جاءت بلا كيف، هذا معناه ‏تأويل إجمالي، أي ارووها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه. أخذوا ذلك من آية التنزيه الكلي: “ليس كمثله شيء” ‏‏(الشورى، 11) وروى البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ليس كـهُـوَ شيء”، وهذا كله يفيد التنزيه الكلّيَ لربّ العالمين عن مشابهة ‏المخلوقين‎.

هذا هو مذهب السلف رضي الله عنهم، نفي التشبيه عن الله عز وجل، قال الإمام الطحاوي (321 هـ.) وهو من السلف ويحكي ‏إجماعهم: “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”. وفق الله كاتبه وناشره وختم لنا ولمن قال آمين بخير، آمين‎