السؤال: من هم الجهمية وما حكمهم وما هي بعض عقائدهم الفاسدة؟
الجواب: الجهمية فرقة ضالة هم أتباع جهم بن صفوان توفي سنة 128 للهجرة كان في زمن الإمام أبي حنيفة توفي سنة 150 للهجرة رضي الله عنه، وقال أبو حنيفة فيه إنه كافر ضال لما بلغه من مخالفاته الكثيرة لعقيدة أهل السنة والجماعة، ومن تلك الضلالات الكثير قال به ابن تيمية الحراني المجسم بعد جهم بنحو 600 سنة.
ومن تلك المخالفات والضلالات ما ذكره الشيخ محمود خطاب السبكي الأزهري مؤسس الجمعية الشرعية بمصر المتوفى سنة 1352هـ في “إتحاف الكائنات ببيان مذهب السلف والخلف في المتشابهات” حيث ردّ بإسهاب على المشبهة أتباع ابن تيمية وأظهر مواضع الشبه بين عقيدتهم وعقيدة ابن صفوان الضال، فمما ذكره رحمه الله نقلاً عن الإمام عبدالقاهر البغدادي في الفرق بين الفرق ونصه رضي الله عنه: فإن الجهمية أتباع جهم بن صفوان الذي قال بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال (أي نفى اختيار العباد لأفعالهم مطلقاً جعلهم مثل ماء البحر يتحرك بلا إرادة)، وأنكر الاستطاعات كلها، وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان (وهذا كفر، ووافقه ابن تيمية في فناء النار وحدها وهو كفر كذلك)، وزعم أن الإيمان هو المعرفة بالله فقط (نفى ان تكون العبادات من الإيمان)، وأن الكفر هو الجهل به فقط (فعنده كثير من الكفر ليس كفراً)، وزعم أيضاً أن علم الله تعالى حادث (أي مخلوق، وكلام جهم هذا كفر)، وامتنع من وصف الله تعالى بأنه شيء حي أوعالم أو مريد (وكل ذلك من كلامه ضلال)، وقال لا أصفه بوصف يجوز إطلاقه على غيره كشيء موجود وحي وعالم ومريد ونحو ذلك (وهذا قياس فاسد)، وقال بحدوث كلام الله تعالى كما قالته القدرية (الضالة) (وقالت أهل السنة ان الله متكلم بلا حرف ولا صوت)، وأكفره أصحابنا (أي قال أهل السنة إنه كافر) في جميع ضلالاته.ا.هـ.
ثم ان ابن تيمية كثيراً ما يشتم اهل السنة والجماعة يقول عنهم جهمية يريد من ذلك التشويش على المسلمين، فهو لخبثه يقول كاذباً في كتابه بيان تلبيس الجهمية (يريد أهل السنة والجماعة) ما نصه “وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها أنه ليس بجسم”ا.هـ.
نقول نحن أهل السنة والجماعة إنه يكفي في تبرئة أئمة الحديث ما نقله أبو الفضل التميمي رئيس الحنابلة ببغداد وابن رئيسها عن أحمد بن حنبل قال: “وأنكر أحمد على من يقول بالجسم (أي في حق الله)، وقال إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة، وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على ذي طولٍ وعرضٍ وسمكٍ وتركيبٍ وصورةٍ وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله، فلم يجز أن يسمى جسمًا لخروجه عن معنى الجسمية، ولم يجىء في الشريعة ذلك فبطل”.اهـ، ونقله الحافظ البيهقي عنه في مناقب أحمد وغيرُه.
وهذا الذي صرح به أحمد من تنزيه الله عن هذه الأشياء الستة هو ما قال به الأشاعرة والماتريدية وهم أهل السنة الموافقون لأحمد وغيره من السلف في أصول المعتقد، فليعلم أن نفي الجسم عن الله جاء به السلف، فظهر أن ما ادعاه ابن تيمية أن السلف لم يتكلموا في نفي الجسم عن الله غير صحيح، فينبغي استحضار ما قاله أحمد فإنه ينفع في نفي تمويه ابن تيمية وغيره ممن يدعون السلفية والحديث.
وهذا البيهقي من رؤوس أهل الحديث يقول في كتاب الأسماء والصفات في باب ما جاء في العرش والكرسي عقب إيراده حديث “أتدرون ما هذه التي فوقكم” ما نصه “والذي روي في آخر هذا الحديث إشارة إلى نفي المكان عن الله تعالى، وأن العبد أينما كان في القرب والبعد من الله تعالى سواء، وأنه الظاهر فيصح إدراكه بالأدلة والباطن فلا يصح كونه في مكان، واستدل بعض أصحابنا في نفي المكان عنه بقول النبي “أنت الظاهر فليس فوقك شىء، وأنت الباطن فليس دونك شىء”، وإذا لم يكن فوقه (أي الله) شىء ولا دونه شىء لم يكن في مكان.” اهـ.