احذروا وحذروا من خالد الجندي المصري المنحرف،
قال خالد الجندي في شريط مسمى شرح الحديث القدسي عبدي أنفق أُنفق عليك وهوَ مَعكم أينما كنتم الآية، والآية ونحن أقربُ إليه مِن حبل الوريد” فقال: “كلّ واحد فينا في كلِّ لحظة مِن حياته الله في داخِله في قلبِه، أقرَبُ إليكَ مِن حَبلِ الوَرِيد”.
الرد:أوّلاً هذه الآيةُ معناها الإحاطةُ بالعِلم،أي محِيطٌ بكُم عِلمًا لا يَخفَى علَيهِ شَىء أَينَما كُنتُم، وهذِه المعِيّة تَشمَلُ جميعَ الخَلْقِ المؤمن والكافر لأنّ الله عالم بأحوالِ الجميع، بأحوالِ المؤمنين وبأحوالِ الكافِرِين لا يخفَى عليه شىء، أمّا معِيّةُ النُّصرةِ والكِلاءة فهي خاصّةٌ بالمؤمنينَ الأتقياء.
ومعنى {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ}(16) (سورة ق)
أي أنّ الله تعالى أعلَمُ بالعَبدِ مِن نَفسِه، هو أعلَمُ بنا مِن أنفُسِنا.
الله تعظيماً لنَفسِه يقول: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ }(16) أي إلى العبد، {مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ }(16) والوريدُ عِرقانِ في الإنسان مِن جانبي الرّقبة يَنزلان مِن الرّأس ويتّصِلان بعِرْقِ القَلب.
قال النّازِليّ صاحبُ التّفسير المعروف:”لا يجوز أن نقول إنه تعالى بكلِّ مَكان، وهذا قولُ جهَلةِ المتصَوِّفَة”، وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه: “قال عليّ الخوّاص – شيخه في التّصوف – : “لا يجوز أن يقالَ إنّه تعالى بكلِّ مَكان، وأوّلُ مَن قال بهذا القول جهمُ بنُ صَفْوان” كفره أبو حنيفة رحمه الله.
فقول خالِد الجندي: اللهُ في داخِلِه في قَلبِه يُفِيدُ الحُلُول،
و”مَن قالَ بالحلُول فدِينُه مَعلُول وما قالَ بالاتّحادِ إلا أهلُ الإلحاد” كما قال الشيخ محي الدين ابنُ عَربي رحمه الله.
ثم أمَا قَرأ خَالد نقل جلال الدين السيوطي الإجماعَ في كتابه “الحاوي للفَتاوى” على تكفِير مَن قالَ بالحلُول أو الاتّحاد.
وهذا تجرّأ على الله بهذه الكلمات كأنّه لم يقرأ
كلامَ أبي جعفر الطحاوي رحمه الله في عقيدته الشّهيرة: “ومَن وصَف الله بمعنًى مِن مَعاني البشر فقَد كفر”،
وكأنه ما قرأ قولَه تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ}(11) (سورة الشورى).
وقولَه تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}(4) (سورة الإخلاص)،
وقوله تعالى: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ}74) (سورة النحل) أي لا تُشَبِّهُوا اللهَ بخَلقِه، وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ المَثَلُ الأَعْلَى}60) (سورة النحل) أي لله الوَصفُ الذي لا يُشبِهُ وصْفَ غَيرِه.
وخالد الجندي يُقدم على تفسير القرآن بغير علم كذلك،
قال في كتابه “فتاوى معاصرة” (ص/22) في قوله تعالى: { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى (18) } (سورة فاطر): “هنا يتحدث عن الأرض وما عليها وما فيها من معادِن ونحو ذلك ولا علاقَة لذلك بالحَمْلِ وغيرِه”.
الرد: قالَ النّسفي رحمه الله في تفسير هذه الآية: “وإن تَدْعُ مُثقَلةٌ أي نَفسٌ مُثقَلةٌ بالذّنُوب أحَدًا إلى حَملِ ذنُوبِ غَيرِها أو بعضها لا يحمِلُ المدعوّ منهُ ولو كانَ ذا قُربةٍ كالأب والأم والابنِ والأخ،
رُوي أن ابنَ عباس قال: يعلَقُ الأب والأم بالابنِ فيقول يا بنيّ احمِل عنّي بعضَ ذنُوبي فيقولُ لا أستطِيعُ حَسبي ما عَليّ”.
وكذا قال البَيضاويّ والخازن في تفسيريهِما فهذه عن أحوال الأنفُس الآثمةِ يوم القيامة لشِدّة هولِه وخطَرِه.
فأيّ زَعمٍ أدّاكَ يا خالد الجندي إلى القَول بأنّ المرادَ هنا الأرض والمعادِن؟، ألم تَسمَع قولَ الله تعالى: { وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }(36) (سورة الإسراء)،
وقال أبو بكر رضي الله عنه: “أي أرضٍ تُقِلُّني وأيُّ سماءٍ تُظِلُّني إن قلتُ في كتابِ اللهِ مَا لا أعلَم”.
خالد الجندي يقول في الموت بعكس ما ورد في الأحاديث الصحيحة،
قال خالد الجندي في مقابلةٍ على تلفزيون المستقبل في برنامَج خَلِّيك بالبيت 21/10/2003: “أنا ما أعتقد أن الموتَ مؤلم أو مُفزِعٌ كما يصَوِّرُه البعض. كان بعضُ الصّحابة يقول: حبّذا الموتُ إن جاءَ الأجَل، الموتُ لذِيذٌ كالعَسل. باختصار شَديد: الموتُ مَرحَلةٌ مُمتِعةٌ مِن مَراحِل انتهاءِ الحَياة”، ثم قالَ عن البَرزَخ: “ممتِعٌ جِدّا إنْ شاء الله لكلِّ مَن ءامَن بوَحدانِيّةِ الله”.
الرد: الرسولُ محمد صلى الله عليه وسلم كانَ الموتُ عليهِ شَديدًا وسَكراتُه شَديدة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: إنّ للمَوتِ سَكرَات” رواه البخاري ومسلم، وفي لفظ للبيهقي” اللهم أعنّي على سكرة الموت” وهذا رفع لدرجاته يوم القيامة صلى الله عليه وسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام”والذى نفسى بيده لَمُعَاينةُ مَلَكِ الموتِ أشدُّ من ألفِ ضَرْبَةٍ بالسّيف، والذي نفسِي بيدِه لا تَخرُجُ نَفْسُ عَبدٍ مِنَ الدُّنيا حتى يتألمَ كُلُّ عِرْقٍ منهُ على حِيَالِه” رواه أبو نعيم في الحلية، فبماذا تُفَسِّر يا خالد الجندي هذا الحديثَ وبماذا تفسِّر كلمةَ سكَرات.
وقد روى البخاري ومسلم أنّ الرسول كان عنده قدحٌ ماء عند الموت فجعل يدخل يده في الماء ثم يمسح بها وجهه ويقول: “اللهم هوّن عليّ سكراتِ الموت” رواه البخاري.
فماذا نقول في كلام خير خلق الله الذي غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ثم تقول أنت يا خالد الجندي الموت ليس مؤلماً ولا مفزعاً كما يصوره البعض.
ثم أشَدّ ألم في الدنيا على الإطلاق أقلّ مِن ألم سكَرات الموت،
هذه قاعدة معروفة عند علماء أهلِ السّنة فمِن أينَ يكونُ العسَلُ في الآلام الشّديدة.
وقد دخل صلى الله عليه وسلم على مَريضٍ ثم قال: “إني لأعلَمُ ما يَلقَى مَا مِنه مِن عِرْقٍ إلا ويألم للمَوت على حِدَتِه” رواه ابن أبي الدنيا.
وقالت السيّدة عائشة رضي الله عنها: “لا أغبط أحداً يهون عليه الموت بعد الذي رأيت من شدّة موت رسول الله”.
وقال مجاهد في قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ}(18) (سورة النساء).
قال: “إذا عايَن الرسل (اي من الملائكة) فعِند ذلك تَبدو له صفحَة وجهِ مَلَك الموت، فلا تَسأل عن طَعم مرارةِ الموت وكربِه عند ترادُف سكَراتِه”. فماذا تقول في مجاهد وقوله طَعم مرارة الموت وكربه عندَ ترادُف سكَراتِه.
ويقول أبو حامد الغزالي في “إحياء علوم الدين”: “اعلَم أنّه لو لم يكن بينَ يدَي العبد المسكين كَرب ولا هَول ولا عذَاب سِوى سكَرات الموت بمجَرَّدِها لكان جَديراً بأن يتنغَّص عليه عَيشُه ويتَكَدّر عليه سرُورُه ويفارقه سهَرُه وغَفلتُه”.
أما المسألة الثانيةُ قولُك عن البرزخ ممتع جِدًّا إن شاء الله لكلِّ مَن آمن بوحدانية الله تعالى، ما هَذا الكلام عن البرزخ، كأنّك جعَلتَ قبُور كلِّ الناسِ ممتِعة منَوّرَة ونَسيت ما رُوي في الحديث: “القَبر إمّا حُفرَةٌ مِن حُفَرِ النّار أو رَوضةٌ مِن رياض الجنة” رواه الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم: “ما رأيت مَنظَرًا إلا والقَبر أفظَع منه” رواه الحاكم وابن ماجه.
وكان سيّدنا عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبلّ لحيته ويقول: “إنّ القبرَ أوّل مَنازل الآخرة فإن نجا منه صاحبُه فما بعدَه أيسَر، وإنْ لم يَنجُ منه فما بعدَه أشَدّ ثم أشد”.
فإن تَنجُ منها تَنجُو مِن ذِي عظِيمةٍ وإلا فإني لا إخَالُكَ نَاجِيًا
أي لا أظُنُّكَ ناجِيًا.
وأمّا الدليل على بُطلان كلام خالِد الجندي أن البَرزخ ممتِعٌ جِدًّا لكُلِّ مَن آمَن بوحدانية الله حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “استَنزِهُوا مِنَ البَولِ فإنّ عامّةَ عذابِ القَبرِ منه” رواه الدارقطني.