حقيقة التصوف عند أهل السنة والجماعة.
الإمام أحمد بن حنبل كان زاهداً صوفياً، تلقى العلم من الإمام الشافعي. والإمام القرشي محمد بن إدريس الشافعي كان من تلامذة الإمام مالك بن أنس. كلهم كانوا علماء صوفية رضي الله عنهم. لكن غلب عليهم الحديث والفقه فعدّوهم في جملة الفقهاء الحفاظ، وإلا فكريم سيرتهم موجودة في كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء يعني الصوفية، وهو عشرة أجزاء للحافظ أبي نعيم الأصبهاني الذي توفي سنة 430 هـ. فهو أقرب إلى السلف من ابن تيمية المتوفى سنة 728 للهجرة، ومن الوهابية وشيخهم محمد بن عبدالوهاب الذي توفي سنة 1206 هـ. فشتان بين هذين وأتباعهم وبين السلف الصالح رضي الله عنهم. وفي مقدمة كتابه يقول الحافظ أبو نعيم إنه يجمع كتاباً “يتضمن أسامي جماعة من أعلام المتحققين من المتصوفة وأئمتهم” يعني أن الصوفي لا يكون صوفياً متحققاً أي متّبعاً للنبيّ صلى الله عليه وسلم إلا بالعلم والعمل على طريقة السنة والجماعة، ثم يقول: “وكيف نستجيز نقيصة أولياء الله تعالى ومؤذيهم مؤذَن بمحاربة الله”، ثم يذكر الحديث القدسي: “مَن آذى لي ولياً فقد آذنته بالحرب”، فمن شتم الصوفية كان ملعوناً لمحاربته الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويا ويل من كان اللهُ محاربَه بنصّ الحديث الشريف.
كل العلماء العاملين صوفية من حيث المعنى، ولكن بعضهم اشتهر أكثر بالفقه وبعضهم بالحديث وبعضهم بالتفسير، ولكن أبا حمزة الصوفي الذي كان الإمام أحمد يقول له: “ما تقول في هذه المسألة (أي من مسائل الفقه) يا صوفي؟”، فإنه اشتهر بالزهد والإعراض عن الدنيا وعبارات التذكير بالآخرة فغلب عليه لقب “صوفي” الذي كان أحمد رضي الله عنه يحبه له ويناديه به، والحفاظ الذين نقلوا ذلك لم ينقلوا عن أحمد أنه أنكره عليه، ومعلوم أن الإمام أحمد في محنته التي ضرب فيها وحبس كان يقول: “كيف أقول ما لم يُقل”، أي ما لا يسمح به الشرع والدين، أفترَاه إماماً صالحاً يقول لأبي حمزة “يا صوفي” ولا دليل شرعي له ولا مستند؟
أما نحن أهل السنة والجماعة أشعرية ماتريدية، فنجلّ أحمد عن أن يكون قالها من غير مستند، أما الوهابية فيجعلون أحمد من جملة المبتدعة المنافقين لأنه سكت عن منكر أبي حمزة الصوفي بل زاد فنافقه فيه يقول له “يا صوفي” ويسأله مسائل في الدين!!، ومعلوم انه لا يُسأل في الدين إلا ثقة، أترى الإمام أحمد ممن يجهلون فيسأل في أحكام دين الله الفسقة المبتدعة.