في حديث البخاري عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: “ومَنْ رآني في المنام فقد رءاني فإنّ الشيطان لا يتمثل في صورتي”.
أي مَنْ رأى صورته الأصلية في المنام فقد رأى مُحمّداً خاتم النبيين وذلك لأن الشيطان لم يُقدِرْهُ الله تعالى على أن يأتي بصورةِ خاتمِ النبيين، فلا ينبغي لأحد رأى في المنام صورة النبي الحقيقية أنْ يَشكّ هل الذي رآه هو رسول الله محمّدٌ أم إنه شيطانٌ تمثل في صورته، ليس له ذلك لأنّ الله تعالى لم يُعْطِ الشيطان القدرة على أنْ يتشكل بصورة نبيِّه محمّد الأصلية التي ذكرت في كتب الحديث.
صفة النبي صلى الله عليه وسلم:
كان رسول الله رَبْعة أي لم يكن قصيرا بل هو إلى الطول. وكان بعيد ما بين المنكبين. وكان أبيض مُشربا بحُمْرَة. كان مُشرِق الوجه.
قال فيه أحد الصحابة: كان أحْسَنَ الناس وجْها وأحسَنهُم خلقا. كان حسن الصوت قوِيّهُ فقد روى مسلم أنّ جبير بنَ مُطعِمٍ قال: سمعتُ رسول الله يقرأ والطور فكاد قلبي يطير. أي من حُسْن صوته.
كان شثنَ الكفيْنِ والقدميْن أي لم يكنْ نحيفَ الكفيْن والقدميْن.
وكان سواء البطن والصّدر. كان دقيق الحاجبَين أزجّهما أي كان حاجباه متقاربين من غير تلاق. وكان أهدب الأشفار أي كثير شعْرِ الجُفون. وكان واسع العينين،ِ وكان أقنى الأنف أشمّه ُ أجلى الجبهةِ واسع الجبهةِ. وكان شعره أسود. ولم يظهر في شعره من الشيب إلا نحوُ عشرين شعرة.
روى البخاري عن أنس بن مالك أنه قال: قبِض رسول الله وليس في رأسهِ ولحيته عِشرون شعرة بيضاء.
وكان من شأنه أنْ يتطيّبَ وهو وإنْ لم يتطيب فقد كان طيِّبَ الرائحةِ.
روى الترمذي عن أبي هريرة قال: ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله كأنّ الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله كأنما الأرض تطوى له، إنّا لنجْهِدُ أنفسنا وإنه لغير مُكترث.
فمن رآهُ بهذه الصفة التي وردت في كتب الحديث كان ذلك دليلا على كمال الرّائي في دينه. ورؤية سَيّدنا محمّد في المنام جائزة للمسلم التقيّ وللمسلم الفاسق، وجائزة أيضا لمن هو كافر، لكنْ هذا الكافر إذا رأى سيِّدَنا محمّدا في المنام فلا بُدّ أنْ يُسلِمْ قبل أن يموت.
فالحاصل أنّ في هذا الحديث: “من رآني في المنام فسيراني في اليقظة”، دليلاً على أنّ من رأى الرّسول مُحمّدا في المنام على صورته الحقيقية التي كان عليها في حياته لا بُدّ أنْ يموت على الإيمان.
قَالَتْ أُمّ مَعْبَدٍ في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم: ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ أَبْلَجُ الْوَجْهِ حَسَنُ الْخُلُقِ لَمْ تعِبْهُ ثُجْلَةً وَلَمْ تزِرْ بِهِ صَعْلَةً وَسِيمٌ قَسِيمٌ فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ وَفِي صوَتِهِ صَحَلٌ وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ أَحْوَرُ أَكْحَلُ أَزَجّ أَقْرَنُ شَدِيدُ سَوَادِ الشّعْرِ إذَا صَمَتَ عَلاهُ الْوَقَارُ وَإِذَا تَكَلّمَ عَلاهُ الْبَهَاءُ أَجْمَلُ النّاسِ وَأَبْهَاهُم مِنْ بَعِيدٍ وَأَحْسَنُهُم وَأَحْلاهُم مِنْ قَرِيبٍ حُلْوُ الْمَنْطِقِ، فصل لا نَزْرٌ ولا هَذْرٌ كَأَنّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَنحِدرنَ رَبْعَةٌ لا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ ولا تَشْنَؤُهُ مِنْ طُولٍ غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثلاثَةِ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُهُمْ قَدًا.
لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفّونَ بِهِ إذَا قَالَ اسْتَمَعُوا لِقَوْلِهِ، وَاذَا أَمَرَ تَبَادَرُوا إلَى أَمْرِهِ مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ لا عَابِسٌ وَلا مُفْنِدٌ.
قولها (ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ) أي ظاهر الجمال،
(أَبْلَجُ الْوَجْهِ) أي مشرق الوجه مضيئه، (حَسَنُ الْخُلُقِ)، (لَمْ تعِبْهُ ثُجْلَةً) الثجلة عِظَمُ البطن مع استرخاء أسفله.
(وَلَمْ تزِرْ بِهِ صَعْلَةً) أي صغر الرأس (وَسِيمٌ) المشهور بالحسن كأنه صار الحُسن له سمة، (قَسِيمٌ) الحسن قسمة الوجه، أي كل موضع منه أخذ قسما من الجمال، (فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ) اشتد سوادها وبياضها واتسعت (وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ) أي طول (وَفِي صوَتِهِ صَحَلٌ) أي شبه البُحة (وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ) أي طول العنق (وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ) (أَحْوَرُ) اشتد بياض بياض عينيه مع سواد سوادهما.
(أَكْحَلُ ) أي ذو كُحْلٍ، اسودّت أجفانه خلقة، (أَزَجّ أَقْرَنُ) أَي مَقْرُون الحاجبين ( شَدِيدُ سَوَادِ الشّعْرِ ) (إذَا صَمَتَ عَلاهُ الْوَقَارُ) أي الرزانة والحِلْم (وَإِذَا تَكَلّمَ عَلاهُ الْبَهَاءُ) من الحسن والجلال والعظمة، (أَجْمَلُ النّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ وَأَحْسَنُهُ وَأَحْلاهُ مِنْ قَرِيب،ٍ حُلْوُ الْمَنْطِقِ)، (فصْلٌ لا نَزْرٌ وَلا هَذْرٌ) أي لا قليل ولا كثير، (كَأَنّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَنحِدرنَ) أي كلامه محكم بليغ. (رَبْعَةٌ) (لا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ) أي لا تزدريه لقصره فتجاوزه الى غيره بل تهابه وتقبله (وَلا تَشْنَؤُهُ مِنْ طُولٍ) أي لا يُبْغَضُ لفرط طوله (غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثّلاثَةِ مَنْظَرًا) (وَأَحْسَنُهُمْ قَدًا) أي قامة (لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفّونَ بِهِ إذَا قَالَ اسْتَمَعُوا لِقَوْلِهِ وَاذَا أَمَرَ تَبَادَرُوا إلَى أَمْرِهِ)، (مَحْفُودٌ) أي مخدوم (مَحْشُودٌ) الذي يجتمع الناس حوله، (لا عَابِسٌ) (وَلا مُفْنِدٌ) المنسوب الى الجهل وقلة العقل، المُفْنِد أي الذي لا فائدة في كلامه لكبرٍ أصابه.
ومن أخلاق سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم:
كان أحسن الناس خَلقاً وخُلُقاً وألينهم كفاً وأطيبهم ريحاً وأكملهم حِجا وأحسنهم عشرة وأعلمهم بالله وأشدهم لله خشية، لا يغضب لنفسه، ولا ينتقم لها، وإنما يغضب إذا انتُهكت حُرمات الله عز وجل.
كان يقضي حاجة أهله، وكان أكثر الناس تواضعاً، وكان أرحم الناس وأعف الناس وأشدهم إكراماً لأصحابه، يتحمل لأصحابه ويتفقدهم ويسأل عنهم، فمن مرض عاده (زاره) ومن غاب دعا له، ومن مات استرجع فيه (يقول إنا لله وإنا إليه راجعون) وأتبعه الدعاء له، ولا يقابل أحداً بما يكره ولا يجزي السيئة بمثلها بل يعفو ويصفح. يحب المساكين ويجالسهم ويشهد جنائزهم، ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه قطيعة رحم، يخصف نعله ويرقع ثوبه، وأكثر جلوسه مستقبلاً القِبلة. يُكثر الذكر ويُطيل الصلاة ويقصر الخطبة، كان يقوم (في الصلاة) ويصوم الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر، كان عليه الصلاة والسلام تنام عيناه ولا ينام قلبه انتظاراً للوحي، وكان لا يأكل الصدقة ويقبل الهدية ويكافئ عليها.
الذين أشبهوه صلى الله عليه وسلم:
جمعهم الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس اليعمري قال:
لخمسة شبه المختار من مضر..
يا حُسنَ ما خُوّلوا من شبهه الحسَنِ؛
لجعفر وابن عم المصطفى قُثم..
وسايبٍ وأبي سفيان والحسَنِ؛
اي الحسن بن علي بن أبي طالب، وعمه جعفر بن أبي طالب، وقثم بن العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب، والسائب بن عبيد الهاشمي جد الإمام الشافعي رضي الله عنه.
أغثنا يا رسول الله..
قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: الله تعالى موجود بلا كيف ولا مكان.