يستحبّ ويُستحسن الاحتفال بذكرى مولد البشير النذير سيدنا محمد بإظهار ‏الفرح والشكر لله تعالى بولادته الكريمة

Arabic Text By Jun 20, 2016

يستحبّ ويُستحسن الاحتفال بذكرى مولد البشير النذير سيدنا محمد بإظهار ‏الفرح والشكر لله تعالى بولادته الكريمة صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول.‏

فمَن حرّم ذكر الله عز وجل وذكر شمائل النبي في يوم مولده عليه السلام بحجة أن النبي لم ‏يفعله نقول له: هل تحرّم المحاريب التي في المساجد وتعتقد أنها بدعة ضلالة وتأمر ‏بهدمها، وتحرّم جمع القرآن في المصاحف ونقطها بالنقط والعلامات التي استحسنها ‏العلماء، ودعواك أن النبي لم يفعلهما؟!، وهل تحرّم جمع الحديث في البخاري ومسلم ‏والترمذي بحجة أن الصحابة لم يفعلوا ذلك؟!، وغير ذلك كثير من مثله، على زعمك كله حرام وكل هؤلاء الأئمة ضالون.‏

فإن كنتَ تُحرّم هذا وما أشبهه فقد ناديت على نفسك بالجهل لأنك ضيّقتَ ما وسّع الله على ‏عباده من استحداث أعمال خير لم تكن على عهد الرسول فقد قال صلى الله عليه وسلم: “مَن ‏سَنّ في الإسلام سُنةً حسَنَةً فلَهُ أجرُها وأجْرُ مَن عَملَ بها بعده من غير أنْ ينقُصَ من ‏أُجورهم شيء” رواه مسلم، وقال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعدما جمع الناس ‏على إمام واحد في صلاة التراويح “نِعْمَ البدعة هذه” رواه البخاري.‏

ومن هنا قال الإمام الشافعي: “المُحدَثات من الأمور ضربان أحدُهما ما أُحدث مما يُخالفُ ‏كتابًا أو سُنةً أو أثراً أو إجماعًا فهذه البدعة الضـلالة، والثانيـة ما أُحدِثَ من الخير لا ‏خلاف فيه لواحد من هذا وهذه مُحدثةٌ غير مذمومة” رواه البيهقي وغيره.‏

قال السيوطي: “وقد استخرج له – أي للاحتفال بالمولد – إمام الحفاظ أبو الفضل أحمد بن حجر ‏‏(العسقلاني) أصلاً من السنة، واستخرجت له أنا أصلاً ثانيًا”.‏

فتبين من هذا أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة حسنة فلا وجه لإنكاره، بل هو جدير بأن ‏يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله حديث “من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ‏وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء” والعبرة بعموم اللَّفظ لا ‏بخصوص السبب كما هو مقرر عند الأصوليين، ومن أنكر ذلك فهو مكابر ولا حجة ولا ‏عبرة بكلامه. ‏

ثم الاحتفال بالمولد فرصة للقاء المسلمين على الخير وسماع الأناشيد المرققة للقلوب، وإن ‏لم يكن في الاجتماع على المولد إلا بركة الصلاة والسلام على النبيّ لكفى.‏

قال السيوطي: “وذلك (أي المولد) هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه ‏من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف. وأول ‏من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدّين علي بن ‏بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وكان له آثار حسنة، وهو الذي عمَّر الجامع ‏المظفري بسفح قاسيون” أي من بلاد الشام.‏

وقال ابنُ كثير (وهو ممن يحبه الوهابية لبعض انحراف فيه إلى ابن تيمية في الاعتقاد) في ‏تاريخِه عن هذا الملك “كان يعملُ المولدَ الشريفَ في ربيعٍ الأول ويحتفلُ به احتفالاً هائلاً، ‏وكان شهمًا شجاعًا بطلاً عالمًا عادِلاً رحمه اللهُ وأكرَمَ مثواه، وقد صنف له الشيخ أبو ‏الخطاب ابن دحية مجلدًا في المولد النبوي سماه “التنوير في مولد البشير النذير” فأجازه ‏على ذلك بألف دينار، وقد طالت مدته في المُلك إلى أن مات بمدينة ‏عكا سنة ثلاثين وستمائة محمود السيرة والسريرة”.‏

وقال ابن خلكان في ترجمة الحافظ ابن دحية: “كان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، ‏قدم من المغرب فدخل الشام والعراق، واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها المعظم ‏مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي فعمل له كتاب “التنوير في مولد البشير ‏النذير”، وقرأه عليه بنفسه فأجازه بألف دينار”.‏

وفّق الله كاتب هذه الفائدة وناشرها وعافانا ورزقنا رؤية النبيّ وفرّج كرباتنا وختم لنا ولمن قال ءامين بخير، ‏ءامين.‏

قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: الله تعالى موجود بلا كيف ولا مكان‎.‎