الاحتفال بذكرى المولِد الشريف تعبيرٌ من المؤمنين عن حبّهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك تعبيرٌ عن الشُكْر للهِ تعالى لأنَّه سبحانهُ أَظْهَرَ مُحَمَّدًا في مِثْلِ هَذا الشَّهر المبارك شهر ربيع الأول. ولَيْسَ معنى المولد عِبَادَةً لِسيدنا مُحَمَّدٍ فنَحْنُ لا نَعْبُدُ مُحَمَّدًا وَلا نَعْبُدُ شَيْئًا سِوى اللهِ، ولَكِنْ نُعَظِّمُ سيدنا محمداً تَعْظيمًا فَقَط. نُعَظِّمُ مُحَمَّدًا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الأَنبياءِ والْمَلائِكَةِ، ثُمَّ نُعَظِّمُ كُلَّ الأَنْبياءِ ولا نَعْبُدُ واحِدًا مِنْهُم. لا نَعْبُدُ مُحَمَّدًا ولا أَيَّ مَلَكٍ من الملائكة وَلا أَيَّ نَجْمٍ ولا الشَّمْسَ ولا القَمَرَ. نِهَايَةُ التَّذَلُّلِ عِنْدَنا لله، نَضَعُ جِباهَنا في ِالأرْضِ وَنُقَدِّسُ الله.
نِهايةُ التَّذَلُّلِ أَيْ أَقْصَى غايَةِ التَّعْظِيمِ هِيَ العِبادَةُ، هَذِهِ نَحْنُ لا نَفْعَلُها لِسَيِّدِنا مُحَمَّدٍ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلّم. إِنَّما عِبادَتُنا للهِ. نَحْنُ لا نَعْبُدُ مُحمَّدًا بَلْ نَعْتَبِرُ مُحَمَّدًا دَاعِيًا إلى اللهِ، هَدَى النَّاسَ وَيَسْتَحِقُّ التَّعْظيم الكبيرَ، أَقَلَّ مِنَ العِبادَةِ، أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُعْبَدَ، واللهُ تعالى امْتَدَحَ الَّذينَ آمنُوا بِهِ صلى الله عليه وسلّم وَعَزَّرُوهُ أي عظَّمُوهُ فَقالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَالَّذِينَ ءامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾ (الأعراف، 157)، فالْمَوْلِدُ فيهِ اجْتِمَاعٌ على طاعَةِ اللهِ، اجْتِمَاعٌ على حُبِّ اللهِ وحُبِّ رسُولِ اللهِ، اجْتِمَاعٌ على ذِكْرِ اللهِ وَذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ سيرَةِ رَسولِ اللهِ ونَسَبِهِ الشَّريفِ، وشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ الْخَلْقِيَّةِ والْخُلُقِيَّةِ، وَفيهِ إِطْعامُ الطَّعامِ لِوجْهِ اللهِ تَعَالى واللهُ تعالى يَقولُ ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا
وَأَسِيرًا ﴾ (الإنسان، 8)، بَعْدَ هذا كَيْفَ يُحَرِّمُ شَخْصٌ يَدَّعي حبّ النبيّ عَمَلَ الْمَوْلِدِ فَرَحًا بولادته صلى الله عليه وسلّم؟! ارجو الدعاء