نَصـَـحَ الشَّيـخُ أحْمـَدُ الرِّفـاعِــيُّ الكبير رضي الله عنه أحَد تَلامِذَتهِ، فقــال له: يا وَلَـدِي، إِنْ مَلكْـتَ عَقْلًا حَقيقيّـًا مَا مِلْـتَ إلـى الدُّنْيـا وَاٍنْ مَالَـتْ لَـكَ لأنـَّها خائِنَـةٌ كَذَّابَـةٌ تَضْحَـكُ على أهْلِهَـا، مَنْ مَـالَ عَنْها سَلِـمَ منْـها، وَمَنْ مَـالَ إلَيْـها بـُلِـيَ فيـهـا. هِـيَ كَالحَيـَّةُ لَيـِّـنٌ لَـمْسُهَـا قَاتِـلٌ سُمـُّها، لَذَّاتــُهَـا سَريعَـةُ الزَّوالِ وَأيَّامُــها تَمْضـي كَالخَـيَـالُ، فَاشْغِلْ نَفْسـكَ فيهـا بتَقْـوَى اللهِ وَلا تَغْـفَلْ عَنْ ذِكْـرِهِ تـعَـالَـى.
يا وَلَــدي، إِنْ تَعَـلـَّمْتَ وَسَمِعْـتَ نَقْلاً حَسَـنًـا فاعْــمَلْ بـهِ وَلا تَـكُنْ مِنَ الَّذيــنَ يَعْلَمـونَ وَلا يَعْـمَلونَ. وَالعَـجَـبُ مِمَّنْ يَعْـلَـمُ أنَّـــهُ يَـمُـوتُ كَيْـفَ يَنْـسَـى الـمَوْت، وَالعَـجَـبُ مِمَّنْ يَعْـلَمُ أنَّهُ مُفــارِق الدُّنْيـا كَيْفَ يَنْـكَبُّ عَليْها وَيَقْـطَـعُ أيَّـامـَهُ بِـمَحـَبَّـتِـها.
ضَيَّعْـتُـمُ الأوْقاتَ باللَّهْـوِ وَالنِّـسْـيَـانِ وَقَـطَعْـتُـمُ الأيَّـامَ بالغَفْـلَـةِ وَالعِصْيَـانِ، مِـزاحُكُمْ مزاحَ مَنْ أَمِـِنَ النَّدامَةَ وَلَهْـوُكُـمْ لَهْـوُ مَنْ لَمْ يَسْمَـعُ بيَـوْمِ القِـيَـامَـةِ، كَأنَّـكُم إلى الـقُـبُورِ لا تَنْـظُـرونَ وَبِمَـنْ سَكَنَـهَـا لا تَعْـتَـبِـرُون.
يا وَلَـدِي، مَــا أَكَلْـتَــهُ تـُفْـنِيـهِ وَمَـا لَـبِسْـتَـهُ تـُبْـليـهِ وَالرُّجُــوعُ إلـى اللَّـــهِ حَتْـمٌ مَقْـضِـــيٌّ وَفـراقُ الأحِـبَّـةِ وَعْـدٌ مَأْتِـيٌ، الدُّنْـيَـا أَوَّلُـهـا ضَعْـفٌ وَفُـتُـور وَآخِــرُهَـا مَـوْتٌ وَقُــبُــور. نفعنا الله بكلام القطب الرفاعي، آمين