فائدة نفيسة في بيان علم الظاهر وعلم الباطن لدى السادة أهل العلم من الصوفية الأكابر، وأن الطريقة الصوفية كالطريقة الرفاعية والقادرية سُـنّة مستحبة وليست واجباً مفروضاً، والواجب التقوى فقط.
قال الإمام الكبير الشيخ أحمد الرفاعي رضي الله عنه: كلّ طريقة خالفت الشريعة فهي زندقة.
والمراد بالطريقة أي الطريقة الصوفية، فإنها متى خالفت كلام أهل الفقه والعلم والشريعة فهي طريقة فاسدة من اتبعها زنديق ولو ادّعى أنه من أهل الباطن، هو فاسد وكلامه فاسد.
الطريقة الصوفية أمر مستحب ليست أمرا واجبا شرعيا.
هي بركة كبيرة ما دامت متقيدة بالفقه والشريعة، فمتى خرجت عن الشريعة كانت زندقة كما قال الشيخ أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه.
وروى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: قوله: (وعاءين) أي نوعين من العلم. وقوله: (بثثته) أي أذعته ونشرته. وقوله: (قطع هذا البلعوم) البلعوم مجرى الطعام وكنى بذلك عن القتل. وفي رواية الإسماعيلي “لقطع هذا” يعني رأسه.
ثم قال: وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم، كقوله: “أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان” يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة. واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة.
قال ابن المنير: جعل الباطنية (وبعض المتصوفة الجهلة) هذا الحديث ذريعة إلى تصحيح باطلهم حيث اعتقدوا أن للشريعة ظاهرا وباطنا، وذلك الباطن (أي الذي يدّعونه) إنما حاصله (أي من حيث الحقيقة) الانحلال من الدين.
قال (أي ابن المنير): وإنما أراد أبو هريرة بقوله: “قطع” أي قطع أهل الجور (وهو الظلم) رأسه إذا سمعوا عيبه لفعلهم وتضليله لسعيهم، ويؤيد ذلك أن الأحاديث المكتوبة لو كانت من الأحكام الشرعية ما وسعه كتمانها. وقال غيره يحتمل أن يكون أراد مع الصنف المذكور ما يتعلق بأشراط الساعة وتغير الأحوال والملاحم فى آخر الزمان، فينكر ذلك من لم يألفه، ويعترض عليه من لا شعور له به. انتهى
فبعض المتصوفة الجهلة الذينَ يُريدُون أن يُرَوّجُوا بعض الكلِماتِ الشّاذّة الضّالّةِ، حتى لا يَنتَقِدَهمُ النّاسُ لقولهم تلكَ الكلِماتِ الشّاذّة الضّالّة عن دِينِ الله، يضعون حديث أبي هريرة في غير موضعه.
هؤلاء المتصَوّفَة ليُرَوّجُوا ضَلالَتَهم يوردون هذا الحديث في غير محله، وهم غَيرُ الصّوفيّة المتحَقّقِين. هؤلاء متشَبّهون بالصّوفيّة وليسُوا صُوفيّة في الحقيقة.
ليس كلّ انسان يدعي التصوف صوفياً حقيقياًً، الصوفية الحقيقيون هم أهل العلم والزهد والتقوى أمثال الإمام الجنيد رضي الله عنه لا أمثال الحلاج الذي انتقده الأكابر أمثال الرفاعي رضي الله عنه.
اللهُ تَعالى لا يَسأل الإنسانَ عن الطّريقَة الصوفية. لا يقال له يوم القيامة: لماذا لم تَأخذ الطّريقة.
يُسألُ الإنسان يوم القيامة هَل تعَلَّمتَ عِلمَ الدّين؟، فإن كانَ تعَلَّم مِن أهلِ المعرفة الثّقَة يُسأَل هل عمِلتَ بالعِلم الذي تعلمته؟، يقال له هل أَدَّيتَ الواجباتِ واجتَنبتَ المحرَّمات وأمَرت بالمعروف ونهَيتَ عن المنكر؟، فإن نفّذَ ذلكَ في الدُّنيا فهذا مِن الفائزين مِن الذينَ لا خَوفٌ عليهم ولا هُم يَحزَنون.
أمّا أن يقولَ أنا أخَذتُ الطّريقةَ مِنَ الشّيخ الفُلاني ويكون جاهلاً ما تعَلَّم العلمَ الضّرُوريّ فهذا منَ الخَاسِرين.
الأصلُ أن يكونَ الإنسانُ على سَبِيلٍ صحيح وسُنّة صحيحةٍ، إن كانَ على سبِيلٍ وسُـنّةٍ فهوَ مِنَ الفائزينَ عندَ الله سواء أخذ الطريقة الصوفية والعهد الصوفي أم لا