الحمدلله وبعد،
فالعاقل الذكي من اتعظ واستفاد واعتبر، ففي كتاب الله تعالى الأمر بالتعاون على البرّ والتقوى، وهذا ما كان عليه شيخنا الفقيه المحدث عبد الله الهرري رحمه الله من بذل النصيحة بنشر التوحيد والأمر بمحاسن الاخلاق، فقد قال رحمه الله تعالى ناصحاً ومرشداً: تعاونوا على الخير وتعاونوا على البر، من يتعاونون على البر في الدنيا ويتحابّون في الله تعالى يظلّهم الله تعالى يوم القيامة في ظلّ العرش ذلك اليوم. ذلك اليوم لا يوجد مكان يستظل الإنسان تحته، لا جدار ولا شجرة ولا صخرة، لا يوجد ظلّ إلا ظلّ العرش، من أراد الله له النجاة يجعله هناك.
الذي يكثر ذكر الموت المال الذي بيده إن كان قليلاً يجعله كثيرًا وإن كان كثيرًا يجعله قليلاً، كثرة ذكر الموت يبعثه على الزهد.
ومن وصايا شيخنا رحمه الله: أُوصِيكُم بالتّحَابِّ والتَّوادِّ والتّنَاصُحِ والتّواصُلِ والتّزاوُرِ والتّبَاذُلِ ولَو بشَىءٍ قَلِيلٍ، يَبذُلُ هَذا لأخِيهِ سِوَاكًا أو شَيئًا سَهلا ثم الآخَرُ يَبذُلُ ما تَيسّرَ لَهُ. إنّ التّباذُلَ يُقَوِّي المحبَّةَ، والتّزاوُرُ مهِمٌّ جِدًّا لا يَمضِي على أحدِكُم مُدّةٌ واسِعةٌ لم يرَ فيها أخَاهُ ولا سألَ عنه، وإنِ استَطاعَ أنْ يَزُورَه زَارَه وإن لم يَستطِع يُرسِلُ سَلامًا لهُ أو يُكالِمُه بواسِطةِ التّلفُون، إن عَمِلتُم بهذا فأَنتُم كَثِيرٌ وإنْ لم تَفعَلُوا فأَنتُم قلِيلٌ، إنْ فَعَلتُم فأَنتُم أَقوياءُ وإلا فأَنتُم ضُعفَاءُ، والذي يُسهّلُ هذا التّواضُعُ والتّواضُع يَدعُو إلى التَّطَاوُعِ.
نوصيكم بالتطاوع فإنّ القليل من التطاوع كثير، والكثيرُ مع عدم التطاوع قليل، ونوصيكم بالتحابّ في الله والتزاور فيه فإنّ للمتحابين في الله درجةً عظيمة. ثبت في الحديث القدسيّ :”وجبتْ محبّتي للمتحابين فيّ والمُتزاورينَ فيّ والمُتجالسينَ فيّ”.
وفي إرشاده كيف تكون النصيحة قال رحمه الله: ولينصح بعضكم بعضًا بالرّفق والحكمةِ وليتفقد بعضكم بعضًا ولا سيّما إذا طالت غيبة أخيك أو نزلت به مصيبة أو اشتدّ به مرض. ونوصيكم بالحلم والعفو، وأن يعامل أحدُكم أخاه بما يُحبّ أن يعامله به أخوه من الصفحِ والعفو ومقابلة الإساءةِ بالإحسان. وهذا شرط الإيمان الكامل الذي يكون به الإنسان من الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.
النَّاسُ الَّذِيْنَ فِي الدُّنْيَا يَتَحَابُّونَ لِوَجْهِ اللهِ لَيْسَ لِلمَالِ وَلا لِلهَوَى وَلا لِلقَرَابَةِ بَلْ حُبًّا فِي اللهِ، اللهُ تَعَالَى يُسَلِّمُهُمْ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ يَوْمَ القِيَامَةِ. يوم القيامة الشمس تدنو من رءوس العباد قدر ميل واحد أي ألفي ذراع هؤلاء الذين تحابّوا فى الله، الله يحفظهم من حرّ الشمس فى ذلك اليوم.
والَّذِيْنَ يَتَعَاوَنُوْنَ فِي الدُّنْيَا عَلَى المَعْصِيَةِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ يَوْمَ القِيَامَةِ، مَهْمَا كَانَتْ صَدَاقَتُهُمْ فِي الدُّنْيَا قَوِيَّة يَكُوْنُوْنَ أَعْدَاءً، هَذَا عَدُوٌّ لِهَذَا وَهَذَا عَدُوٌّ لِهَذَا قال الله تعالى: الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلا المتقين .
ومن وصاياه رحمه الله:
وصحّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إيَّاكُم والظنّ فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديث ولا تحَسَّسوا ولا تجَسَّسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عبادَ الله إخوانًا”. والتحسس هو التفتيش عن عيوب الناس بالعين.
وورد مرفوعًا: “تصافحوا يَذهَب الغِلُّ، وتَهادوا تحَابُّوا وتذهب الشَّحناءُ”. وفقنا الله وإياكم وحفظنا. آمين آمين
وفق الله ناشرها ومن دعا لناشرها بخير، ءامين