ليُعلم أن أقسَامَ المَوجودِ من حيث الحكم الشرعي والحكم العقلي ثَلاثَةٌ:
– الأوَّلُ: أزَليٌّ أَبدِيٌّ وهوَ الله تعالى فقط، أي لا بدايةَ ولا نِهايةَ لوجودِ الله عز وجلّ.
وحكمُ من يقولُ إنَّ هناكَ شَيئًا أزَليًّا لا بداية له سِوى الله عز وجل، التكفيرُ قَطعًا. ولذلك حكم الغزالي وغيره بكفر الفَلاسِفَة لاعتقادِهِم السَّفِيهِ أنَّ العالَم قَديمٌ أزَلي لا بداية له. الأزَلِيَّةَ بمعنى عدم الابتداء من حيث الشريعة والعقل لا تَصِحُّ إلا لله تَعالى فقط لأن الله هو الخالق وما سواه مخلوق محدَث.
ومثل ذلك من الضلال قاله ابن تيمية الحفيد المتوفّى سنة ٧٢٨ للهجرة الشريفة، في عدد من كتبه، ثابت عنه قوله بأزلية نوع العالم، وهذا مما اتفق أهل العلم على كونه ضلالاً، قاله الزركشي في تشنيف المسامع، وكذلك قاله غير الزركشي من الأكابر. وأثبته على ابن تيمية كذلك العلماء الثقات كتقي الدين السبكي وتقي الدين الحصني وهما من الكبار رحمهما الله.
– والثَّانِي من أقسام الموجود: أَبديٌّ لا أَزَلي،ٌّ أي أنَّ لهُ بدايةً ولا نِهايةَ له،ُ وهُو الجنّةُ والنارُ فَهما مَخلوقَتان أي لَهُما بدايةٌ إلا أنَّه لا نِهايَة لَهُما أي أبدِيَّتان،ِ فَلا يَطرأُ علَيهِما خَرابٌ أو فَناءٌ لِمشيْئَةِ الله بَقاءَهُما. أمَّا مِن حَيْثُ ذَاتُهما فَيجوزُ عَليْهِما الفَناءُ عَقلاً ولكن الله أخبر ببقائهما فلا تفنيان، وخبرُ الله صدق بلا شك.
– والثّالثُ: لا أزَليٌّ ولا أبَدِيٌّ أي أنَّ لَهُ بِدايةً ولَه نِهاية،ً وهو كُلُّ مَا في هَذِهِ الدُّنيا مِنَ السماوات السَّبعِ والأَرضِ فَلا بدَّ مِن فَنائِها وفَناءِ مَا فِيْها مِنْ إنسٍ وجِنّ ومَلائِكَةٍ. ارجو الدعاء.