الإسلام هذا الدين العظيم الذي نزل به أفضل الملائكة جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس مجرد صلاة وصيام وعدم إيذاء المسلم أخاه المسلم والإحسان إلى المسلم وإلى غير المسلم بالمعروف والخلق الحسن وتقريبه للتوحيد لما ينفعه في دنياه وآخرته، ثم أكل وشرب ولعب ولهو ولو بالحلال فحسب، مع أهمية الصلاة والصيام وسائر العبادات البدنية. الإسلام فيه الصلاة والصيام وحسن الخلق مع الناس وترك السرقة وأمثال ذلك من أحكام الدين والشرع، ولكن هذه الأمور ليست كلّ الإسلام، فعقيدة التوحيد هي أساس الإسلام وهي معرفة أن الله خالق كل شيء وأنه تعالى لا يحتاج إلى شيء. الإسلام فيه أحكام عقائدية يجب على كل شخص أن يتعلمها ويعمل بها. والإسلام فيه كذلك أوامر يجب الأمر بها ومنهيات يجب النهي عنها، وهو ما جعل هذه الأمة أفضل الأمم يصدّق ذلك كتاب الله: ”كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ، (آل عمران(.
لا شك في أن الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أفضل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن الله قدّم في الآية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليعلم المؤمن منزلتهما العظيمة وأنهما حياة الإسلام، وأن ترك إنكار المنكر يوجب سخط الله وغضبه وعذابه، يصدّق ذلك كتاب الله تعالى: “لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (المائدة).
فمن ترك الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر والكفر والضلال ولا سيما ضلالات أتباع ابن تيمية تدعي كذباً أنها سلفية وتعلم الناس الضلال وتشبيه الله بخلقه ويقولون الله تعالى جالس على العرش والعياذ بالله، ويكفّرون الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لأنهم تبركوا بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، ومثلهم في الضلال حزب سيد قطب المنحرف عن نهج الشيخ حسن البنا رحمه الله، فمن سكت عن ذلك والمنكر ينتشر ويعمّ ولو كان بقلبه غير راض بهذا المنكر وهو قادر على دفعه ونصر الحق ولو من حيث الإعانة عليه بالجهد أو المال أو ما أشبه نصراً لدين الله وجهاداً في سبيل الله، فليعلم من سكت عن ذلك أنه أشبه الذين لعنوا على لسان الأنبياء والمرسلين وأنه على غير الطريقة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام والأولياء الصالحين الذين فتحوا البلاد لينتشر الإسلام في أنحاء الدنيا، وإلا لو كانوا خانعين يسكتون مراعاة لخاطر فلان أو فلان أو يخافون إنكار المنكر ويشتغلون بالقصص والحكايات وحلقات الرقص، لبقي الإسلام في مكة والمدينة بل لهجم الكفار على مكة والمدينة حرسهما الله، وهكذا كان أبطال الصوفية الذين نشروا الإسلام في شرق إفريقيا وغربها لم يخافوا في الله لومة لائم بل كانوا أسوداً ضراغم في نشر الحق وبيان الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزاهم الله خيراً، وهكذا هو نهج الصوفية الصادقين كلهم، فالصوفي الصادق من اتبع الحق حيثما وجده لا مداهنة ولا مراءاة في دين الله ولكنه الحق فحسب وليس إلا الحق والحق وحده، قال الله تعالى تحذيراً وترهيباً وتخويفاً لا إذناً بالكفر ورضاً به: وَقُل الْحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَن شَاءَ فَلْيُؤمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكفُر إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِم سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَن أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِم الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (سورة الكهف)، جعل الله من ينشر هذه الفوائد النفيسة مع هؤلاء أهل الرحمة برحمته وفضله، آمين
قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: الله موجود بلا كيف ولا مكان.