سؤال: هل قال الإمام مالك في تفسير آية الاستواء “والكيف مجهول”؟
الجواب: لا يوجد أي إسناد صحيح ولا غير صحيح إلی الإمام مالك أنه قال “والكيف مجهول” في تفسير آية الاستواء “الرحمن علی العرش استوی”.
قال الامام الماتريدي رضي الله عنه وهو من أئمة السلف الصالح: “فإنَّه ليس في الارتفاع إلى ما يعلو من المكان للجلوس شرفٌ ولا علوٌّ ولا وصفٌ بالعظمة والكبرياء، كمن يعلو السطوح أو الجبال انه لا يستحق الرّفعة على من دونه (اي بالمكان) عند استواء الجوهر، فلا يجوزُ صرف تأويل الآية إليه (اي الی المكان والجلوس) مع ما فيها من ذكر العظمة والجلال” اي لتنزه الله عن الكيف والمكان.
والصحيح المسند عن الامام مالك روايات: “بلا كيف” رواها الترمذي، ورواية “والكيف غير معقول” ورواية “وكيف عنه (اي عن الله) مرفوع” معناه ان الكيفية مستحيلة في حقه تعالی، رواهما البيهقي.
وهذا ما تعلمه الصحابة رضي الله عنهم من النبيّ صلی الله عليه وسلم، فقد روی ابن حجر العسقلاني عن ام المؤمنين ام سلمة رضي الله عنها قالت في آية الاستواء “والكيفُ غيرُ معقول” اي ان الكيفية والجسمية لا تجوزان على الله، ذكره الحافظ في شرحه على صحيح البخاري.
أم سلمة لم تقل ذلك بالرأي والهوى، بل هو مما تعلمته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أم سلمة رضي الله عنها تعلمت أن الكيف مستحيل على الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك قال الخليفة الراشد الإمام عليّ رضي الله عنه: “من زعمَ أنّ إلهنا محدود فقد جهِل الخالق المعبود” رواه الحافظ أبو نعيم في حلية الاولياء، ومعناه ان من اعتقد أو قال بأن الله تعالى قاعد أو جالس أو له كميّة صغيرة أو كبيرة فهو جاهل بالله أي كافر به.
وقال الإمام الشافعي في ما نقل ابن المعلم القرشي عنه في كتاب “نجم المهتدي” عن “كفاية النبيه في شرح التنبيه” ما نصه: “وكذا من يعتقد أن الله جالس على العرش كافر” كما حكاه القاضي حسين هنا عن نص الشافعي رضي الله عنه” انتهى كلام ابن المعلم.
والقَاضِي حُسَين مِن كِبَار الشّافِعيّة كَان يُلَقَّبُ حبر الأُمّةِ كَما كانَ عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس، وهوَ مِن الطّبقَةِ التي تَلِي الإمامَ الشّافِعيَّ وهُمُ الذينَ يُقَالُ لهُم أَصحَابُ الوُجُوه.
وقال الإمام الشافعي أيضاً: “المجسّم كافر” ذكره الحافظ السيوطي في الأشباه والنظائر.
وقال الإمامُ أبو حنيفةَ في الوصيّة: “ونُقِرُّ بأنَّ اللهَ على العرشِ استوَى مِن غيرِ أن يكونَ لهُ حاجةٌ إليهِ واستقرارٌ عليه”ِ.
وقال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه: “من قال إنّ الله على شيء فقد أشرك” نقله القشيري، والمشبهة تقول اللهُ بذاته على العرش فهم كفار بذلك. وزعموا أن الله من صفات عظمته جلوسه على العرش وهذا كفر كذلك لأنهم جعلوا الله متشرّفاً بشيء من مخلوقاته والعياذ بالله.
وقال ابو سليمان الخطابي وهو فقيه مجتهد: “إن الذي علينا وعلى كل مسلم أن يعلمه ان ربنا ليس بذي صورة، لأن الصورة تقتضي الكيفية، والكيفية عن الله وعن صفاته منفية”.
فالكيف والمكان والجهة والكمية والحجم كل ذلك مستحيل علی الله، كما يستحيل عليه سائر صفات المخلوقات لقوله تعالى: “ليس كمثله شيء”.