جواهر الهرري
من إرث الرحمة من علم أهل السنة عن الأمر المعروف والنهي عن المنكر (٣ من ٣) للفقيه المحدّث الشيخ عبد الله بن محمد الهرري الشافعي الأشعري قال رحمه الله جواباً على سؤال:
الذي يقولُ قولَ الكُفر إن كانَ إن أنكَرت علَيه يَزيدُ في الكفر اسكُت عَنه، لكن حَذّر غَيرَه منه، قل للنّاس هذا لا تَأخُذوا منهُ. أمّا تَوجِيهُ الإنكارِ إليهِ سَقطَ عَنكَ لأنّه إن أنكَرتَ علَيه يَزيد، كذلكَ إذا كانَ لا يَزيدُ ولا يَقبَلُ سقَطَ عَنكَ. أمّا تَحذيرُ غَيرِك يَبقَى. هذا أَمر مُهمّ في هذا العَصر كثيرٌ مِن النّاس أضَاعُوه. هذا البابُ أَهمَلُوه، وهَذا هَلاكٌ. لا يَكفِي أن يكونَ الرّجل في حَدّ ذَاتِه مُلتَزمًا بالصّلَوات الخمس وبالصّيام وبالزكاة وأن يتَجنَّب المحَرّمَاتِ، هوَ في حَقّ نَفسِه التَزمَ لكن لا يُحَذّرُ النّاسَ مِن هؤلاء الغَشّاشِين في أُمُور الدُّنيا وفي أمُور الدّين، يُحَرّفُونَ شَريعَةَ الله، يُعَرّضُونَ أَنفُسَهُم لتَعلِيم الدّين وهم لَيسُوا بأَهل. لا يُحسِنُونَ عِلمَ الدّين.
لا يَكفِي كونُ الرّجُل في حَدّ ذاتِه يَعلَمُ الواجِبَات ويَجتَنِب المحرّمَات، بل عليهِ ما استَطَاع أن يُنكرَ على مَن يَعمَل المنكَر ويحذّرَ منه. أَمرانِ يَجِبان لمن هو بهذه الصّفَة أحَدُهما أن تَنهَاهُ بشَرط أن تَستطيعَ، بشَرط أن لا يكونَ يَزداد إن كلّمتَه؛ والأمرُ الثّاني أن تُحَذّر غَيرَه مِنه حتى لا يَقتَدِيَ بهِ فيَنفِر (عنه)، ظَنّه عالماً فتَلَقّى منه الأمورَ المحرَّفَة على غيرِ وَجهِها فيَنضَرّ، لذَلك لا يَسَعُكَ السُّكُوت.