ينبغي للمؤمن أن يقتدي بأنبياء الله تعالى فلا يكون مجبولاً على حب الترفع على الناس ولا متخلّقًا بالكِبر بل يكون خُلقُه التواضع والانقياد للحق، وفي ذلك جاء حديث حسن الإسناد رواه الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “اللهم أحيني مسكينًا ـ أي متواضعًا ـ وأمتني مسكينًا ـ أي واجعل آخر أحوالي في الدنيا التواضع ـ واحشرني في زمرة المساكين” أي المتواضعين وليس معنى الحديث أن لا يرزقه كفايته لأن الله تعالى أخبرنا في القرآن بأن النبيّ رُزق كفايته، قال الله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى﴾ ومعنى ﴿فَأَغْنَى﴾ أي أن الله أناله كفايته، فهذا الحديث متفق مع الآية. هذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه اجتمع عنده المال الكثير، أنفق على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة أربعين ألفًا من الدراهم، والأربعون ألفًا في ذلك الوقت تساوي أضعاف أضعافها في هذا الزمن، ومع ذلك كان من المتواضعين كان يخف صوته حين يقرأ القرآن، أحيانًا ما كان يُسمع الناس حين يغلبه البكاء إسماعًا جيدًا، والذي عناه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون مسكينًا بمعنى المتواضع، ومن شأن المتواضع أن لا يجادل بغير حق، إنما يحاول أن يتوصل إلى إحقاق الحق وإبطال الباطل. أما الذين يجادلون ليترفعوا على الناس فإنهم في خطر عظيم لأن حب الجدل قد يسوق صاحبه إلى المهالك، قد يخرج به عن الشريعة إلى الباطل الصرف والعياذ بالله. فعلى المؤمن أن يتوخى إذا حاول أن يجادل أن يكون كل همه إحقاق الحق وإبطال الباطل، ويغلب نفسه من أن يتغير قصده إلى حب الترفع على الناس، وليكن همّه إظهار الحق لله تعالى، وهذا طريقه تعلم علم الدين والعمل في نشر الحق ولا يفعل ذلك لأنه ينتظر مدح الناس له بذلك، الله يرزقنا الإخلاص، ءامين