بادروا بالصالحات قبل الفوات.
اقترب رمضان شهر الخيرات والمبرّات، ولكن ليس معنى ذلك أن المؤمن ينتظر حلول رمضان ليفعل الخيرات. ليس رمضان وحده موسماً لفعل الخيرات، المؤمن يشتغل بالخير والإحسان كلّ السنة سواء في رمضان أو قبله أو بعده وإن يكن في رمضان وغيره من الأوقات المباركة أكثر اجتهاداً اقتداء بالنبي صل الله عليه وسلم.
ففي البخاري عَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَجوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلقَاهُ جِبرِيلُ، وَكَانَ يَلقَاهُ فِى كُلِّ لَيلَةٍ مِن رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَجوَدُ بِالخَيرِ مِن الرِّيحِ المُرسَلَةِ.
قوله: (فيدارسه القرآن) قيل: الحكمة فيه أن مدارسة القرآن تجدد له العهد بمزيد غنى النفس والغنى سبب الجود. والجود فى الشرع إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي وهو أعمّ من الصدقة. وأيضا فرمضان موسم الخيرات لأن نعم الله على عباده فيه زائدة على غيره، فكان النبى صلى الله عليه وسلم يؤثر متابعة سنة الله في عباده، فبمجموع ما ذكر من الوقت والمنزول به والنازل والمذاكرة حصل المزيد فى الجود، والعلم عند الله تعالى.
والريح المرسلة أي المطلقة يعنى أنه في الإسراع بالجود أسرع من الريح، وعبّر بالمرسلة إشارة إلى دوام هبوبها بالرحمة، وإلى عموم النفع بجُوده عليه الصلاة والسلام كما تعمّ الريح المرسلة جميع ما تهبّ عليه.
قال الحافظ النووي: وفي الحديث فوائد، منها الحث على الجود فى كل وقت، ومنها الزيادة فى رمضان وعند الاجتماع بأهل الصلاح. وفيه زيارة الصلحاء وأهل الخير، وتكرار ذلك إذا كان المزور لا يكرهه، واستحباب الإكثار من القراءة (اي للقرآن) في رمضان وكونها أفضل من سائر الأذكار إذ لو كان الذكر أفضل أو مساوياً لفعلاه (أي النبيّ وجبريل).
قال الحافظ ابن حجر: وفيه إشارة إلى أن ابتداء نزول القرآن كان فى شهر رمضان، لأن نزول القرآن إلى السماء الدنيا جملة واحدة كان في رمضان كما ثبت من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
ومن جملة السنن المستحبات الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام، مَن أرسله الله تعالى رحمة مهداة، جزاه الله عن أمته خيراً. أرجو الدعاء لكاتبه وناشره وفقنا الله تعالى وعافانا، آمين