قال شيخنا رحمه الله تعالى رحمة واسعة ونفعنا به وأمدنا بأمداده:
“اَلدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ تَحْتَاجُ إِلَى أُمُوْرٍ مِنْـهَا التَّوَاضُعُ وَالتَّحَآبُّ وَالْحِلْمُ وَالتَّطَاوُعُ. أَمَّا التَّوَاضُعُ فَإِنَّـهُ يَدْعُوْ إِلَى التَّآلُفِ. الرَّسولُ سَمَّاهُ أفضلَ العبَادَةِ “إِنَّكُمْ لَتَغْفُلُوْنَ عَنْ أَفْضَلِ العِبَادَةِ التَّوَاضُع” وَقَالَ عليه الصلاة والسلام “مَنْ تَوَاضَعَ للهِ درَجَةً رَفَعَهُ اللهُ درجةً حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى عِلّيّـيْنَ” وَقَالَ “مَنْ تَكَبَّرَ دَرَجَةً خَفَضَهُ اللهُ درجةً حَتَّى يَبْلُغَ أَسْفَلَ سَافِلِيْنَ”. مَن استمَرَّ عَلَى التكبُّرِ يصِلُ إِلَى أسفلِ السَّافلينَ فِي الانْحطاطِ الْمَعنويِّ وهو الْخُسرانُ معناه هو أَخْسَرُ الْخَاسِرِيْنَ. وَأَهْلُ العلمِ يَكْثُرُ الاستِفَادَةُ مِنْهُمْ عَلَى حَسَبِ تَوَاضُعِهم وبِفَقْدِ التواضُعِ أهلُ العلمِ يَقِلُّ الانتفاعُ بِهم.
وَأَمَّا التَّحَآبُّ وَالتَّـوَادُّ فَهُوَ أَسَاسُ النَّفْعِ وَالانتفاعِ فَقَدْ قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “لا تَدْخُلُوْا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوْا وَلاَ تُؤْمِنُوْا حَتَّى تَحَآبُّوْا” معنى وَلاَ تُؤْمِنُوْا حَتَّى تَحَآبُّوْا أَيْ لاَ يكونُ إِيْمَانُ الْمَرْءِ كَامِلاً حَتَّى يُحِبَّ إخوانَـهُ يُحِبُّ لَهم الْخَيْرَ ويكرَهُ لَهم الشَّرَّ يَفْرَحُ لفَرَحِ إخوانِـه وَيَحْزَنُ لِحُزْنِهِمْ مَعْنَى الْحَدِيْثِ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَعَ الأَوَّلِيْنَ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ فِيْهِ هذِهِ الْمَحَبَّةُ. وَأَمَّا التَّـطَاوُعُ فَهُوَ مَطْلُوْبٌ لأَنَّ الاستِفَادَةَ بَيْنَ الإِخْوَانِ لاَ تَتِمُّ بدُوْنـهِ، وَمَعْنَى التَّطَاوُعِ هو التَوَافُقُ عَلَى مَا فِيْهِ خَيْرٌ يَسْتَضِيْءُ الْمُؤْمِنُ بِمَا عندَ أخِيه مِنَ الفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ ويستفِيْدُ الآخَرُ مِنْهُ ذلِكَ. وَأَمَّا الْحِلْمُ فَهُوَ الصَّبْرُ عَلَى الْمُتَعَلّمِيْنَ خُصُوْصًا وَعَلَى غيرِهِم عُمُوْمًا لأَنَّ الْمُعَلّمَ إِذَا عَوَّدَ نفسَه الْحِلْمَ تكونُ إفادَتُـهُ أَكْثَرَ وذلِكَ لأنَّ كَثِيْرًا مِنَ الْمُعَلّمِيْنَ يضجَرُوْنَ مِن كَمَالِ الإِفَادَةِ وَيُحْرَمُوْنَ خَيْرًا كَثِيْرًا”. أرجو الدعاء وفق الله ناشره، آمين