فالمنُّ بالصَّدقة من كبائر الذنوب

Arabic Text By Jun 07, 2016

في النهي عن المنّ والغيبة،

الله تعالى جعل للإنسان جوارح ليستعملها في طاعته سبحانه، وسلطان هذه الجوارح ‏وأميرها هو القلب الذي صلاحُه صلاحُ للجسد كله وفساده‎ ‎فساد للجسد كله كما جاء في ‏الحديث الشريف. ومن جملة معاصي القلب التي يقع فيها كثير من الناس من غير انتباه إلى ‏الأذى الذي يكون بسببها، المَنُّ بالصدقة، وهو يبطل ثوابَ تلك الصدقة، كأن يقول لمن ‏تصدّق عليه: أليس أعطيتك كذا يوم كذا وكذا؟ ‏

فالمنُّ بالصَّدقة من كبائر الذنوب ومثاله أن يُعدّدَ نِعمتَه على آخذها حتى يكسِرَ قلبَه، أو ‏يَذكرَها لِمَن لا يُحِبُّ الآخِذُ اطّلاعَه عليها، قالَ الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تُبطِلُوا ‏صَدَقَاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذَى”.‏‎ ‎وإنّما ذكر العلماء المنّ بالصدقة من جملة مَعاصي القَلْب لأنّ المَنّ ‏يكون أصلاً في القلبِ وذلك أنّ المَانَّ يقصِدُ إيذاءَ الشّخصِ فيتفَرَّعُ من ذلك القصد العمَل ‏البَدني وهو ذِكرُ إنعامِه على الشّخصِ بلِسَانهِ.‏

ومن جملة المعاصي التي يقع فيها الكثيرون كذلك الغيبة، وهي ذِكرك أَخاكَ المسلمَ الحيَّ أو ‏الميّتَ بما يكرَهُه لو سمعَ، سواءٌ كان مِما يتعلقُ ببدنهِ أو نَسَبه أو ثَوبه أو دارِه أو خُلُقِهِ كأن ‏يقولَ فلانٌ قصيرٌ، أو أحوَلُ، أو أبوه دَبّاغٌ أو إسكافٌ أو فلانٌ سيّئ الخُلُقِ، أو قليلُ الأَدَب، ‏أو كثيرُ النّوم، أو كثيرُ الأكل، أو وسِخُ الثياب، أو دارُه رَثَّةٌ، أو ولَدُه فلانٌ قليلُ التّربيةِ، أو ‏فلانٌ تحكمُه زوجتُه، ونحوُ ذلك مِنْ كلّ ما يَعلَمُ أنّه يكرَهُه لو بلَغه. ‏

وروى مسلم من حديث أبي هريرة أن رسولَ الله قال: “أتَدرُونَ ما الغِيبةُ” قالوا: الله ورسولُه ‏أعلمُ قال “ذِكرُك أخاك بما يكرَهُ”، قال: أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقولُ قال عليه الصلاة ‏والسلام: “إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتَبتَهُ، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّهُ”. والغيبةُ لأهلِ الصّلاح ‏والتّقوى بلا شكَّ كبيرةٌ‎ ‎من الكبائر.‏ أما التحذير من أهل الباطل ولا سيما في العقيدة فليس من الغيبة المحرّمة بل هذا واجب شرعي.

قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: الله تعالى موجود بلا كيف ولا مكان.‏