قال الطحاوي رحمه الله: وما أخطأ العبدَ لم يكن ليصيبَه، وما أصابَه لم يكن ليخطئَه. وعلى العبد أن يعلمَ أن اللهَ قد سبقَ علمُه بكلّ كائن من خلقه (لا تخفى على الله خافية، وعلمه تعالى أزلي)، فقدّرَ ذلك تقديرًا مُحكمًا مُبرَمًا (تقدير الله أزلي كسائر صفاته)، ليس فيه ناقضٌ ولا مُعقّبٌ، ولا مُزيلٌ ولا مُغيّرٌ (معناه لا يتغيّر تقدير الله لا بدعاء ولا بغيره، انظر رياض الصالحين رقم 1382) ولا محوّلٌ ولا ناقصٌ ولا زائدٌ من خلقه في سماواتِه وأرضِه، وذلك من عَقدِ الإيمانِ (أي من قال تقدير الله يتغيّر يكفر) وأصولِ المعرفةِ والاعترافِ بتوحيدِ اللهِ تعالى وربوبيّـتِه، كما قال تعالى في كتابه: “وخلقَ كلّ شيء فقدّرَه تقديرًا” (الفرقان، 2)، وقال تعالى “وكان أمرُ اللهِ قدَرًا مَقدورًا” (الأحزاب، 38)، فويلٌ لمن صارَ لله تعالى في القدَر خَصيمًا (يعني المعتزلة القدرية الضالة الناكبة عن الحق)، وأحضرَ للنظر فيه قلبًا سقيمًا، لقد التمسَ بوهمِهِ في فَحصِ الغيبِ سرًّا كتيمًا، وعادَ بما قال فيه أفاكًا أثيمًا.
(ومن المشهور ما قاله الإمام مالك في القدرية وأنهم كفار حين سئل عن نكاحهم فأشار إلى أنهم مشركون، قرأ مالك قول الله تعالى: “ولعبد مؤمن خير من مشرك” (البقرة، 221)، رواه الحافظ اللالكائي وغيره. القدرية كفار لأنهم ينكرون خلق الله لأفعال العباد، يقولون نحن نخلق أفعالنا لذلك كفروا لأنهم كذبوا القرآن، قال الله تعالى: “قل الله خالق كل شيء” (الرعد، 16)).