ولا نقول لا يضرّ مع الإيمان ذنب لمن عمله (أي لا نقول إن المؤمن مهما عمل من الخطايا مغفور له يقيناً وإن لم يتب إلى الله)، (أما إن صحت توبته بشروطها الشرعية فهو مغفور له يقيناً)، (ولا بد أن يعذب الله بعض المؤمنين العصاة أهل الكبائر لم يتوبوا في جهنم، ثم يخرجون منها بشفاعة أو من دونها للأخبار الصحيحة بذلك).
نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفوَ (أي الله) عنهم، ويدخلهم الجنة برحمته (الأنبياء والأولياء لا نكد عليهم ولا عذاب عليهم في قبورهم ولا في الآخرة)، ولا نأمنُ عليهم (على عوامّ المؤمنين)، ولا نشهد لهم بالجنة (ولكن من شهد له نصّ الحديث بالجنة فنشهد له بها كعمار بن ياسر مثلاً)، ونستغفر لمسيئهم، ونخاف عليهم ولا نقنّطهم .
والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام (الأمن من مكر الله كفر عند الحنفي لأن معناه عندهم أن الله لا يعذب أحداً من المؤمنين مهما عمل من الخطايا ولم يتب، فهذا كفر لأنه تكذيب للنصوص الشرعية) ( كذلك الإياس من رحمة الله معناه عندهم أن يعتقد الشخص أن الله يعذب مرتكب الذنوب ولو تاب منها يقول لا تنفعه التوبة، هذا معناه عندهم وهذا كفر)، (أما عند الشافعية وأمثالهم فمِن المَعاصِي القَلبيّةِ الأمنُ مِن مَكرِ الله والقُنوطُ مِن رَحمةِ الله، أمَّا الأَمنُ من مَكرِ الله فمعناه الاستِرسالُ في المَعاصِي معَ الاتّكالِ على الرَّحمة فهذا مِنَ المعَاصِي الكَبائرِ مِمّا لا يَنقُلُ عن المِلّةِ. وأمّا القُنوطُ مِنْ رَحمةِ الله فهو أنْ يُسِيءَ العبدُ الظنَّ بالله فيعتَقِدَ أنّ الله لا يغفِرُ لهُ ألبتّةَ وأنَّه لا مَحالةَ يُعذّبهُ، وذلك نَظرًا لكَثْرةِ ذنُوبه مثلاً، فهو بهذا المعنى كبيرةٌ منَ الكَبائرِ ولكن لا يَنقُل عن الإسلام). وسبيلُ الحق بينهما لأهل القبلة (أي أن طريق النجاة الذي ينبغي أن يكونَ عليه المؤمن أن يكون خائفًا راجيًا يخافُ عقابَ الله على ذنوبه ويرجُو رحمةَ الله).