روى النَسَائيُّ أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: “إنَّ اللهَ يُمْهِلُ حتى يَمضيَ شَطْرُ الليلِ الأولُ فيأمر مُنَاديًا يُنادي هل من سائلٍ فَيُعْطَى هل من مُسْتغفِرٍ فيُغفرَ لهُ هل مِنْ داعٍ فيُستجَابَ لهُ”. هذهِ الروايةُ صحيحةُ الإسنادِ فَسَّرَتِ الروايةَ التي فيها “ينـزلُ ربُّنَا” والتي هي أشْهَرُ مِنَ روايةِ النسائي هذه، وهذا يُقالُ لهُ مجازُ الحذفِ عندَ علماءِ البيان،ِ حَذْفُ لفظِ الملَك (مفرد الملائكة) لأنهُ يُفهَمُ.
وقالَ الحافظُ المتبحّـِرُ عبدُ الرحمنِ بنُ الجوزيِّ الحنبليُّ في كتابِهِ “البازِ الأشهبِ” بعدَ ذِكر بعض روايات هذا الحديث “إنَّهُ يستحيلُ على اللهِ عزَّ وجلَّ الحركةُ والنُّقلةُ والتغييرُ. وواجبٌ على الخلقِ اعتقادُ التنـزيهِ وامتناعُ تجويزِ النُقلةِ (اي الحركة على الله) وأن النـزولَ الذي هو انتقالٌ من مكانٍ إلى مكانٍ يفتقرُ إلى ثلاثةِ أجسامٍ: جسمٍ عالٍ وهو مكانُ الساكنِ، وجسمٍ سافلٍ، وجسمٍ ينتقلُ مِنْ عُلْوٍ إلى أسفل، وهذا لا يجوزُ على اللهِ قطعًا”.
وفي شرحِ الزُّرْقانيّ على موطإِ الإمامِ مالكٍ ما نصُّهُ: “وكذا حُكِيَ عن مالكٍ أنَّهُ أَوَّلَهُ بنـزولِ رحمتِهِ وأمرِهِ (أي آثارهما) أو ملائكتِهِ كما يُقالُ فعلَ الملِكُ كذا أي أتباعُهُ بأمرِهِ”.
ومعنى ما وردَ في الحديثِ “شطرُ الليلِ الأولُ” أي النصفُ الأولُ منهُ، والمعنى أنهُ ينـزلُ مَلَكٌ بأمرِ اللهِ كلَّ ليلةٍ ممّا فوقَ السماءِ الدنيا إلى السماءِ الدنيا، فينادي الملَكُ بأمرِ اللهِ يقولُ مُبَلِّغًا عَنِ اللهِ: “هل مِنْ داعٍ فَيُسْتَجابَ لهُ، هل مِنْ مُستغفِرٍ فيغفرَ لهُ، هل مِنْ سائلٍ فيُعطى”، فمنْ وافقَ دعاؤُهُ تلكَ اللحظةَ التي يُنادي فيها الملَكُ في الليلِ استجابَ اللهُ دُعاءَه، لأنهُ في كلِّ ليلةٍ يُوجَدُ وقتٌ يُسْتجَابُ فيهِ الدعاءُ.
الدِّيَكَةُ لَمّا تصيحُ بالليلِ معناهُ أنها رَأت من الملائكة فالدّعاءُ تلكَ الساعةَ فيهِ فائدةٌ، الدعاءُ في ذلك الوقتِ يُستجابُ. قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إذا سمِعْتُمْ صِياحَ الدِّيَكةِ فَاسألوا اللهَ مِن فضْلِهِ فإنها رأت مَلَكًا” رواهُ البخاريُّ ومسلم.
دعاء: اللّهمّ آتِ نُفُوسَنَا تَقوَاهَا وَزَكِّهَا أنتَ خيرُ مَن زَكَّاهَا، أنتَ وليُّها ومولاها. آمين
قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: الله تعالى موجود بلا كيف ولا مكان.
أخي كن ناشراً للخير لا تدعه يقف عندك.