ترجمة الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه
هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني رضي الله عنه.
قال المزي خرج به من مرو حملاً وولد ببغداد ونشأ بها ومات بها وطاف البلاد في طلب العلم.
روى عن خلق كثيرين منهم محمد بن إدريس الشافعي وسفيان بن عيينة وأبي داود الطيالسي والضحاك بن مخلد النبيل وأبي مسهر الغساني وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق الصنعاني اليمني وأبي نعيم الفضل بن دكين ووكيع بن الجراح ويحيى بن سعيد القطان وأبي بكر بن عياش وأبي القاسم بن أبي الزناد.
وروى عنه كثيرون من أبرزهم الإمام محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري وأبو داود سليمان بن الأشعث وإبراهيم بن إسحق الحربي وأحمد بن الحسن الصوفي الكبير وأحمد بن أبي الحواري وهو من أقرانه وبقي بن مخلد الأندلسي وحرب بن إسماعيل الكرماني وأبو بكر بن أبي الدنيا وعبد الرزاق بن همام وهو من شيوخه وأبو زرعة الرازي وعلي بن المديني ومحمد بن إدريس الشافعي وهو من شيوخه وأبو حاتم الرازي ووكيع بن الجراح وهو من شيوخه ويحيى بن إدم وهو من شيوخه ويحيى بن معين ومات قبله ويزيد بن هارون وهو من شيوخه، وكذا روى عنه أبناه صالح وعبد الله وابن عمه حنبل بن إسحق .
امتحن الإمام أحمد رضي الله عنه عام 220 هـ. فأريد منه أن يقول بخلق القرآن فضرب وحبس إلا أنه لم يعطهم ما أرادوا وكان زمن شوكة المعتزلة إلى أن أتى المتوكل ففك أسره، بل كان وهو في سجنه يطعن في رؤوس المعتزلة فلم يسلموا من حكمه بالكفر على من ثبت عليه منهم قضية تخرجه من الإسلام، فقد ذكر الحافظ المقدسي (600 هـ.) في كتاب محنة الإمام أحمد أن أبا شعيب الحجام وكان قد أرسل إلى السجن لمناظرة الإمام أحمد قال إن علم الله مخلوق، فكفره الإمام أحمد قائلاً له أمام الناس لقد كفرت بالله العظيم. وفي لسان الميزان للحافظ ابن حجر في ترجمة ضرار بن عمرو المعتزلي أن أحمد شهد عند القاضي في ضرب عنقه فهرب ضرار، وكان ينكر عذاب القبر، وهو كذلك في ميزان الاعتدال للذهبي.
وكان الإمام احمد ملتزماً طريق السنة مجانباً البدعة ولم يجب إلى القول بخلق القرآن ومع ذلك فقد كان يبدع من يقول لفظي بالقرآن غير مخلوق كما ذكر الحافظ ابن الجوزي في كتابه في مناقب أحمد والحافظ ابن أبي بكر السعدي (900 هـ.) في الجوهر المحصل في مناقب الإمام أحمد بن حنبل، وعلى هذا كان الإمام البخاري، والفتنة التي تعرض لها في ذلك فأخرج بسببها من نيسابور معروفة وألف في بيان ذلك كتاب خلق أفعال العباد. وقد أراد قوم نسبته إلى البدعة فسألوه ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أو غير مخلوق؟، فأعرض عنهم الإمام فألحوا فقال الإمام البخاري القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة.
وكان البخاري يقول وقد سئل عن اللفظ بالقرآن: أفعالنا مخلوقة وألفاظنا من أفعالنا، ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء. وفي مقدمة فتح الباري للحافظ ابن حجر قال قال البخاري وسمعت عبيد الله بن سعيد يعني أبا قدامة السرخسي يقول ما زلت أسمع أصحابنا يقولون إن أفعال العباد مخلوقة، قال محمد بن إسماعيل حركاتهم وأصواتهم وأكسابهم وكتابتهم مخلوقة، وكان يستدل بحديث إن الله يصنع كل صانع وصنعته. اهـ. من المقدمة لابن حجر رحمه الله، ومن المعلوم أن أحمد وكما تقدم كان أحد كبار مشايخ البخاري.
أما تبرك أحمد بشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فشيء مشهور فقد كان رضي الله عنه يحمل معه دوماً شعراً من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حريصاً عليها جداً كما ذكره الحافظ المقدسي في كتابه محنة أحمد والسعدي في الجوهر المحصل.
فرحم الله الإمام أحمد الذي ما خاب من اقتدى به ورضي عنه وعنا به، آمين.