قال الإمام الشيخ عبد الله الحبشي رحمه الله وغفر له ولوالديه :
الحمد لله رب العالمين له الفضل وله الثناء الحسن وصلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى اله الطيبين الطاهرين أما بعد فقد قال الله تبارك وتعالى أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض هذه الآية الشريفة تحضنا على التفكر في مخلوقات الله تعالى حتى يكون ذلك دليلا لنا على وجود الله وقدرته وأنه لا يشبه شيئا.
الاستدلال على وجود الله تعالى واجب ولو كان دليلا إجماليا فالدليل على وجود الله تعالى عقلا وجود المخلوقات وجود الأرض و السماوات وجودك أنت ووجود الليل والنهار وقيام هذه السماء فوقنا من غير أن تنهار علينا منذ خلقت هي في مركزها وهذه الأرض بعد في مكانها وجود هذه الأشياء على حالها التي نراه دليل على أن مكونا خالقا خلقها ليست هي خلقت نفسها ولا هي وجدت بدون خالق مكون.
هذه الأرض وهذا الجو حاله يتغير الليل والنهار يتعاقبان يأتي الليل ثم يذهب فيأتي النهار ثم يذهب ثم يأتي الليل ثم يذهب ويأتي النهار وهكذا هذا لا يوجد من غير موجد بل له موجد أوجده له مدبر يدبره يدبر من على هذه الأرض ويدبر هذه السماء ويدبر الليل والنهار ثم يعلم العاقل ان الذي يدبر هذه الأرض والسماء والليل والنهار وما على الأرض من إنسان وبهائم وغير ذلك موجود لا يشبه الموجودات لا يشبه هذه العوالم لأنه لو كان يشبهها ما استطاع أن يوجدها والإنسان لا يستطيع أن يخلق نفسه ولا أن يخلق إنسانا مثله كذلك سائر الأشياء التي هي ذوات الأرواح ليست هي تخلق نفسها لأنه في العقل لا يجوز أن يخلق الشيء نفسه لأن الذي يخلق يجب أن يكون قبل الذي يخلقه الذي يخلق يكون متقدم الوجود على الذي يخلقه الله تبارك وتعالى وبخ الكافرين الذين يعبدون غير الله بهذه الآية وحض المؤمنين بأن يتفكروا في مخلوقات الله حتى يكون عندهم زيادة علم بوجود خالقهم فالذي عقله سخيف لا يدرك هذا يمر عليه الليل والنهار ولا يفكر كيف أمر الليل والنهار من الذي يدبرهما يأتي هذا ثم يذهب ويأتي الآخر ثم يأتي ذاك ويأتي الآخر لا يفكرون في هذا حتى يعرفوا أن لهم خالقا لا يجوز أن يكون له شبيه جهلوا هذا الحق الذي عليه دليل واضح والدلائل كثيرة فعكفوا على عبادة المخلوقات هذا يعبد الشمس وهذا يعبد بعض النجوم وهذا يعبد الشياطين وهذا يعبد إنسانا هو من البشر كبوذا وهذا يعبد غير ذلك حتى إن من البشر من يعبد النهر ومنهم من يعبد فروج النساء يقول منه خلقنا وإليه نعود ومن البشر من يعبد الذكر الى أشكال وألوان كل هؤلاء هم أضاعوا عقولهم لو استعملوا عقولهم بالتفكر على الوجه الصحيح لعلموا أن شيئا من هذه الأشياء المحسوسة التي لها شكل التي لها مقر التي لها مدار فلك لا تصلح لأن تكون إلها معبودا لا تصلح لأن تكون خالقا للعالم لأن الذي يستحق أن يعبد يتذلل له نهاية التذلل هو الذي خلق العالم الله استحق العبادة لأنه كون هذا العالم الذي نراه والذي لا نراه لأنه لا يشبههم وهذا العقل الصحيح يتوصل إليه بالتفكر في المخلوقات التفكر في المخلوقات يزيد الانسان يقينا بالله تبارك وتعالى وأما الذي لا يتفكر إلا في الأكل والشرب وكيف يجمع المال ثم كيف يلبس وكيف ينام هذا أضاع عقله العقل جوهر نفيس عظيم لمن استعمله بحق كما يجب . اهـ