قال الحافظ النووي رحمه الله: وروينا عن السيد الجليل أبي القاسم الجنيد رضي الله تعالى عنه قال: الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرة والمرائي يثبت على حالة واحدة أربعين سنة.
قلت (أي النووي) معناه أن الصادق يدور مع الحق كيف كان، فإذا رأى الفضل الشرعي في أمر عمل به وإن خالف ما كان عليه عادته. وإذا عرض أهم منه في الشرع ولا يمكن الجمع بينهما انتقل إلى الأفضل، ولا يزال هكذا وربما كان في اليوم الواحد على مائة حال أو ألف وأكثر على حسب تمكنه في المعارف وظهور الدقائق له واللطائف. وأما المرائي فيلزم حالة
واحدة بحيث لو عرض له مهم يرجحه الشرع عليه في بعض الأحوال لم يأت بهذا المهم بل يحافظ على حالته لأنه يرائي بعبادته وحاله المخلوقين فيخاف من التغير ذهاب محبتهم إياه فيحافظ على بقائها، والصادق يريد بعبادته وجه الله تعالى فحيث رجح الشرع حالا صار إليه ولا يعرج على المخلوقين.