المتمسِكُ بسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أمَّتِي لَهُ أجرُ شهيدٍ” سُنَّتِي معنَاه العقيدة والأحكام، العقيدة والأحكام سُنّة الرسول. لأنَّ معنى السُّنة في اللغة: الطريقُ، معنى السُّنة في اللغة: الطريقُ. قول رسول الله سنّتي يعني به شريعتَه،

Arabic Text By Jul 10, 2015

قال الإمام الحافظ الشيخ عبد الله الهرري رضي الله عنه ورَحِمَه رحمةً واسعةً

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى ءاله الطاهرين.

 

أما بعد، إن خير الزاد تقوى الله. قال الله تعالى: ﴿وتزودوا فإن خير الزاد التقوى﴾  وسبيل التقوى هو العلم لأن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا فقهه في الدين أي رَزقه العلم بأمور دينه رَزقه المعرفة بما فرض الله عليه أن يؤديه ويفعلَه ورَزقه معرفة ما أمر باجتنابه وحرَّمه فلا فلاح إلا بعلم أمور الدين العقيدة التي هي أفرض الفرائض ثم الأحكام العملية أي لأنّ علم التوحيد هو أفضل العلوم. قال البخاري: باب: العلمُ قبل القول والعمل، واستدل بهذه الآية ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات﴾ حيث قَدَّم الله ذِكر معرفته به أي العلم بالله على الاستغفار الذي هو عمل لساني. الله تبارك وتعالى أمر نبيه بالثبات على العلم به أي معرفة وجوده وتوحيده وما يليق به وما لا يليق به. هو الرسول عليه السلام كان مؤمنا من أول نشأته إنما المقصود الثبات على ذلك كما أنه يقول هو الرسول وكل مُصَلٍّ كل يوم خمس مرات ﴿إهدنا الصراط المستقيم﴾ المراد الثبات، الثبات على الهدى وكذلك قوله تعالى ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾ المراد به الثبوت، الثبات على هذه المعرفة، المعرفةِ بالله، العلمِ بالله، فمِنَ الجهل في التوحيد هَلك كثير من الناس، أناس أخذوا الطريقة القادرية والشاذلية والنقشبندية قبل أن يتعلموا علم التوحيد ثم لم يفلحوا هَلكوا، كثير من المنتسبين لهذه الطرق لا يعرفون خالقَهم فبعضهم يعتقد أن الله تعالى حجم ساكن السماء وبعضهم يعتقد أن الله تعالى حجم يتحرك ويتجول ويحل في الأشخاص. رأيت رجلا من ذرية الشيخ عبد القادر الجيلاني وهو ابن سبعين تقريبا، هو بِزِيّ أهل العلم، بلَغني أنه يتكلم بالتحريف عن شيخ من الرفاعية من الطيبين. قصدتُه في دمشق في داره في بدء الأمر قال نحن لا نعتقد الحلول والاتحاد أي لا نعتقد أن الله يدخل في الأشخاص ولا نعتقد أن الله والعالم شىء واحد لأن هاتين العقيدتين في بعض من يدعي الطريقة ثم بَحَثْتُ معه فَآلَ أمره إلى أنه يعتقد أن الله حال في الأشخاص فتركتُ الكلام معه وانصرفت. هذا ينتسب إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني نسبا وطريقة وكثير أمثاله. سبب هذا أنهم ما أتقنوا علم التوحيد ما عرفوا أن الله تبارك وتعالى موجود لا كالموجودات لا يجوز عليه أن يكون حجما لا يجوز عليه أن يكون متصفا بصفات الحجم فبعضهم اعتقد أن الله جسم حال مستقر على العرش ينزل ويطلَع وبعضهم اعتقد أنه يتحول من صفة إلى صفة. فهؤلاء كفار وإن لم يعرفوا كُفرَهم، وكم مِن أناس كفروا ولا يعرفون أنهم كفروا فعليكم بالتمكن في علم التوحيد لتدافعوا عن دين الله لتصلحوا ما أفسده كثير من الناس وأكثر هذا الفساد من المنتسبين إلى الطريقة الشاذلية المنحرفة عن أصل الطريق. طرق أهل الله كلها مبنيّة على التوحيد وإخلاص العمل لله ثم معرفة الكفريات للحذر منها وللتحذير منها ومعرفة حكم الردة لأن الردة في هذا الزمن كثرت بإهمال الناس تَعَلُّمَ علم الدين. علم الدين كأنه ليس له شأن كبير عند أكثر الناس أما علم الدنيا فهم يهتمون به ويسافرون لأجله إلى نواحي بعيدة ويقضون لأجله سنوات، إنا لله وإنا إليه راجعون، وأهم الأشياء بالاهتمام بمكافحتها في هذا العصر هؤلاء الفِرَق، فرقة الوهابية المشبهة التي تشبّه الله بخَلقه وفرقة سيد قطب التي تدعي أنهم هم المسلمون وأما من لم ينتسب إليهم مَن لم يلتحق لهم كافر مباح الدم هاتان الفرقتان جمعت بين الجهل بالعقيدة وبين تكفير المسلمين أما القطبية أي أتباعُ سيد قطب فإن زعيمهم سيد قطب ما عرف الله فإن في تفسيره كلمات تُبيّن ذلك منها قوله الله العقل المدبر ومنها قوله في تفسير هذه الآية ﴿وهو معكم أينما كنتم﴾ إن الله في كل مكان في كل وقت مع كل أحد، جَعَل اللهَ متجوّلا مع العباد حيثما تَجولوا ثم استحلاله قَتْلَ من ليس منتسبا إليه أي إنه يستحل قتل من يحكم بغير القرءان ولو في مسألة واحدة وقتل من يعايشه لو لم يكن له دَخَلٌ في الحُكم حتى المؤذنين عنده كفار لأنهم يعايشون هؤلاء الحكام الذين يحكمون بغير القرءان. كل رئيس إسلامي يحكم به في خمسة أبواب بالشرع وفيما عدا ذلك بالقانون فلا يُكَفَّرون لأنهم لم يقولوا إن القانون أفضل من الشرع لا يُكَفَّرون. ثم هذه الفرقة تُمَوِّه على الناس بإيرادهم لهذه الآية ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ هذه الآية مَن أخذ بظاهرها يَتوهم أن هؤلاء الحكام كفار لكن الآية ليس كما زَعموا هذه الآية فسرها اثنان من الصحابة تفسيرا مخالفا لما ادّعاه سيد قطب. أحد التفسيرين تفسير ابن عباس رضي الله عنهما قال ما معناه إن هذا الكفر المذكور في هذه الآية ليس الكفر الذي هو يُخرِج من الملة أي إنما هو معصية كبيرة شُبّهت بالكفر، هذا ثابت عن عبد الله بن عباس، والتفسير الآخر أن هذه الآية والآيتين اللّتَين بعدها نزلت في الكفار لأن قبل هذه الآية ذِكر اليهود، هذان التفسيران هما تفسيران صحيحان عن السلف ولم يثبت عن الصحابة تفسير غير هذا بطريق الإسناد لم يثبت غير هذين التفسيرين. فسيد قطب فسّر الآية بأنها تعني أن كل مَن حكم بغير الحكم الشرعي ولو في قضية واحدة كافر وقد ورد في الأحاديث الصحيحة بغير حديثٍ وَرَد تسمية بعض المعاصي كُفْرا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر” هذا الحديث في البخاري ومسلم وغيرهما من كتب الحديث، العلماء حملوه على أن معنى قوله عليه السلام “وقتاله كفر” على أن قتال المسلم للمسلم إذا كان للدنيا ذنب كبير يشبه الكفر، كذلك ثبت أن الرسول سمّى النياحةَ والطعنَ في الأنساب كلاهما كفر أي يشبهان الكفر، مع أنه ورد في القرءان تسمية المتقاتِلَين من الأمّة مؤمنين، كلتا الفريقين من المؤمنين، قال الله تعالى ﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقتَتلوا فأصلِحوا بينهما﴾ هذه الآية فيها أن كلا الفريقين مؤمنون ليسوا كافرين باقتتالهم أي لا يُكَفَّرون باقتتالهم، كما سمّى الفئتين المتقاتلَتين من المسلمين أنهم مؤمنون لم يخرجوا عن الإيمان بالقتال، كذلك هذا الذي حَكَم بغير القرءان يُسمّى مؤمنا عاصيا لا يسمّى كافرا، فسيد قطب بتكفيره للحكام في هذا الزمن ولِمَن يعايشهم أي لا يحاربهم خرج من المسلمين لأنه حَرَّف القرءان فسّره بتفسير يخالف تفسير علماء الإسلام من السلف والخلف، فواجب معرفة كيفية الرد على هؤلاء وعلى المشبهة وعلى فرقة ثالثة وهم حزب التحرير يقولون الإنسان هو يخلق أفعاله الاختيارية ليس الله يخلقها، هؤلاء كذّبوا قول الله تعالى ﴿الله خالق كل شىء﴾ الشىء يشمل الجسم والعمل، جسم الإنسان وأعماله شىء، القرءان نص على أن كل شىء مخلوق لله، فمعنى الآية أن الإنسان وأعمالَه الله يخلقهما ليس أحد غيره يخلق ذلك، هؤلاء تكفي ءاية قرءانية للرد عليهم وذلك قوله تعالى ﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له﴾ الصلاة فعل اختياري عَمَل اختياري والنُسُك أي ما يُذبَح تَقرُّبا إلى الله كالأضحيّة والهَدْي الذي يُذبَح في الحج هذا ذَبْح البهيمة عمل بدني للإنسان، الآية نصت على أن هذين العملين أي الصلاة والنُسك مِن خلق الله تعالى ليسا من خلق غيره لا شريك له في ذلك معناه ليس العبد ينفرد بخلق ذلك ولا يشارك الله في خلق ذلك بل الله منفرد بخلق عمله هذا، الصلاةِ والنسك، ثم هناك حديث صحيح رواه البخاري وغيره وهو أن الرسول عليه السلام كان يقول لما يعود من حج أو غزوة: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده”  الدليل في قوله عليه السلام “وهزم الأحزاب وحده” بحسب الظاهر المؤمنون قاتَلوا هَزموا الكفار لكنْ هذا الهزم الذي فعلوه ليس خلقا لهم بل هو خلق لله، الله هو خلق هذا الهزم قال “وهزم الأحزاب وحده” معناه الله تعالى هو الذي خَلق هذا الفعل الذي حصل من الصحابة أي أنهم كسروا الكفار هزموهم، أخبَرنا بأنّ هذا الهزم فِعْلُه لا يشارك فيه أحد، الصحابة بحسب الظاهر يُقال هَزموا، هَزموا الكفار، لكن مَن الذي هزم في الحقيقة؟ الله، الله وحده. بارك الله فيكم وعليكم اجتهدوا وابذلوا أوقاتكم في علم الدين، فأكثر هؤلاء تلبيسا على الناس وتمويها على الذي لم يتعلم العقيدة كما يجب، الوهابية، لأنها تُورِد ءايات ظواهرها أن الله جسم وأن الله تعالى له صفات كصفات الخلق، الحركةِ والسكون والنزول الصعود، هم يحملون هذه النصوص على ظواهرها فيحتجون بها على الناس فيوهِمون بهذا أن كلامهم صحيح. من ليس له علم بالتوحيد فيتبعهم فيكفر كما كفروا خَطَرُهم عظيم هذه الوهابية خطرهم عظيم، لأنهم يوردون الآيات التي ظواهرها كما يزعمون ويوردون الأحاديث التي ظواهرها كما يزعمون فيستسلم لهم الذي ليس عنده معرفة في العقيدة الصحيحة. عليكم بالاجتهاد بتحصيل الأدلة التي تكسرون بها هؤلاء، القرءان الكريم فيه ءاية من فسّرها على الظاهر يكفر أبشع الكفر. قال الله تعالى ﴿كل شىء هالك إلا وجهه﴾. الوجه لأكثر الاستعمال في اللغة العربية هو هذا الجزء المُرَكَّب على البدن فمَن نَظَر إلى هذه الكلمة ﴿كل شىء هالك إلا وجهه﴾ يظن أن الله تعالى له وجه مركب على البدن كما للإنسان وغيرِه من ذوي الأرواح فيقول: “الشىء معناه الموجود، الله موجود والعالم موجود، فإذن ما سوى الله يفنى ولا يبقى منه شىء أي العالم يفنى ولا يبقى منه شىء، وأما الله فيفنى ولا يبقى منه إلا الوجه”، وهذا منشأه أنهم اعتقَدوا أن الله جسم وأن له وجها جسما. مِن هنا هَلَكوا فكفروا أبشع كفر. كان في القرون الماضية رجل يُقال له بيان بن سمعان، عربيٌّ، وكان له أتباع تعبته، هو قال هذا: إن الله يوم القيامة يفنى كله إلا الوجه. هؤلاء والوهابية حُكمهم واحد، هؤلاء جعلوه جسما وهؤلاء جعلوه جسما، ولو لم تَقُل الوهابية كما قال إنه تعالى يفنى كله إلا الوجه، لكن كِلا الفريقين يتفقان على أن الله جسم، هؤلاء جسّموا الله وهؤلاء جسموا الله، الذي يقول: “الله تعالى يوم القيامة جسم له وجه مركب على البدن لكنه لا يفنى لا يصيبه الفناء بالمرة” والذي يقول: “إنه يصيبه فناء ما سوى وجهِه” كافر، كلٌّ كافر، كلٌّ من الفريقين كافر، هذا جعل الله جسما له أبعاض وهذا جعل الله جسما له أبعاض. علماء الإسلام اتفقوا، أجمَعوا واتفقوا على أن من اعتقد أن العالم أزلي أي لا ابتداء لوجود كافر، اتفقوا على هذا، والقرءان الكريم يشهد لذلك. قال تعالى: ﴿هو الأول﴾ معناه أنا الذي لا ابتداء لا ابتداء لوجوده، أنا فقط، أنا فقط لا ابتداء لوجوده أما ما سِواي لابتدائه وجودٌ. كذلك الحديث: “كان الله ولم يكن شىء غيره” الله كان موجودا قبل وجود العالم، قبل وجود شىء من العالم، الفراغ والعرش والسماوات والأرض والنور والظلام والروح قبل كلِّ هذا كان موجودا. كان الله ولو يكن شىء غيره، هذا الحديث صحيح من أصح الصحيح، يا بُشرَى مَن عَمِلَ بهذا الأمر تَعلُّم علمَ أهلِ السُّنةِ في العقيدةِ والأحكامِ ، ثمَّ جَاهَدَ الضَّلالَ في هذا العصرِ، هذا العصرُ عصرٌ تعاضَدَت فيه الكفرياتُ الاعتقاديةُ والعمليةُ. فهنيئًا لِمَن بَذَلَ جُهْدَهُ في كفاحِ ذلكَ ، يكونُ شهيدا لو ماتَ على فِرَاشِه لقولِه عليه الصلاة والسلام: “المتمسِكُ بسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أمَّتِي لَهُ أجرُ شهيدٍ” سُنَّتِي معنَاه العقيدة والأحكام، العقيدة والأحكام سُنّة الرسول. لأنَّ معنى السُّنة في اللغة: الطريقُ، معنى السُّنة في اللغة: الطريقُ. قول رسول الله سنّتي يعني به شريعتَه، إنَّمَا الفقهاءُ في اصطلاحِهم صَارُوا يقُولُونَ للعَمَلِ الذي هُوَ لَيس واجبًا سُنَّة. وللعمل الذي هو واجب في تَرْكِه معصية فرض. أمَّا في الحديثِ السُّنة هيَ طريقةُ الرَّسُولِ..